(لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) (١) وارتفاع ولا تكتمونه لكونه وقع حالا ، أي : غير كاتمين له وليس داخلا في المقسم عليه. قالوا وللحال لا للعطف ، كقوله : (فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِ) (٢) وقوله : ولا يسأل في قراءة من خفف النون ورفع اللام. وقيل : الواو للعطف ، وهو من جملة المقسم عليه. ولمّا كان منفيا بلا لم يؤكد ، تقول : والله لا يقوم زيد ، فلا تدخله النون. وهذا الوجه عندي أعرب وأفصح ، لأن الأول يحتاج إلى إضمار مبتدأ ، قبل لا ، حتى تكون الجملة اسمية في موضع الحال ، إذ المضارع المنفي بلا لا تدخل عليه واو الحال. وقرأ عبد الله : ليبينونه بغير نون التوكيد. قال ابن عطية : وقد لا تلزم هذه النون لام التوكيد ، قاله : سيبويه انتهى. وهذا ليس معروفا من قول البصريين ، بل تعاقب اللام والنون عندهم ضرورة. والكوفيون يجيزون ذلك في سعة الكلام ، فيجيزون : والله لا لأقوم ، والله أقومن. وقال الشاعر :
وعيشك يا سلمى لأوقن إنني |
|
لما شئت مستحل ولو أنه القتل |
وقال آخر :
يمينا لأبغض كل امرئ |
|
يزخرف قولا ولا يفعل |
وقرأ ابن عباس : ميثاق النبيين لتبيننه للناس ، فيعود الضمير في فنبذوه على الناس إذ يستحيل عوده على النبيين ، أي : فنبذه الناس المبين لهم الميثاق ، وتقدم تفسير معنى : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) في قوله : (نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) (٣).
(وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ) وتقدم تفسير مثل هذه الجملة. والكلام في إعراب ما بعد بئس فأغنى ذلك عن الإعادة.
(لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) نزلت في المنافقين كانوا يتخلفون عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الغزو ، فإذا جاء استعذروا له ، فيظهر القبول ويستغفر لهم ، ففضحهم الله بهذه الآية قاله : أبو سعيد الخدري وابن زيد وجماعة. وقال كثير من المفسرين : نزلت في أحبار اليهود. وأتى تكون بمعنى فعل ، كقوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) (٤) أي مفعولا.
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ٨١.
(٢) سورة يونس : ١٠ / ١٩.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٠١.
(٤) سورة مريم : ١٩ / ٦١.