أَمْوالَهُمْ) (١) ، وأنهما متساويان في التحريم. ولما أذن في نكاح الأربع أمر الأزواج والأولياء باجتناب ما كانوا عليه من سنن الجاهلية.
وقرأ الجمهور صدقاتهن جمع صدقة ، على وزن سمرة. وقرأ قتادة وغيره : بإسكان الدال وضم الصاد. وقرأ مجاهد وموسى بن الزبير وابن أبي عبلة وفياض بن غزوان وغيرهم : بضمها. وقرأ النخعي وابن وثاب : صدقتهن بضمها والافراد ، وانتصب نحلة على أنه مصدر على غير الصدر ، لأن معنى : وآتوا انحلوا فالنصب فيها بآتوا. وقيل : بانحلوهن مضمرة. وقيل : مصدر في موضع الحال ، إما عن الفاعلين أي ناحلين ، وإما من المفعول الأول أو الثاني أي : منحولات. وقيل : انتصب على إضمار فعل بمعنى شرع ، أي : أنحل الله ذلك نحلة ، أي شرعه شرعة ودينا. وقيل : إذا كان بمعنى شرعة فيجوز انتصابه على أنه مفعول من أجله ، أو حال من الصدقات. وفي قوله : وآتوا النساء صدقاتهن دلالة على وجوب الصداق للمرأة ، وهو مجمع عليه إلا ما روي عن بعض أهل العراق : أن السيد إذا زوج عبده بأمته لا يجب فيه صداق ، وليس في الآية تعرض لمقدار الصداق ، ولا لشيء من أحكامه. وقد تكلم بعض المفسرين في ذلك هنا ، ومحل الكلام في ذلك هو كتب الفقه.
(فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) الخطاب فيه الخلاف : أهو للأزواج؟ أو للأولياء؟ وهو مبني على الخلاف في : وآتوا النساء. وقال حضرمي : سبب نزولها أن قوما تحرجوا أن يرجع إليهم شيء مما دفعوا إلى الزوجات ، والضمير في : منه ، عائد على الصداق قاله : عكرمة. إذ لو وقع مكان صدقاتهن لكان جائزا وصار شبيها بقولهم : هو أحسن الفتيان وأجمله لصلاحية ، هو أحسن فتى. قال الزمخشري : ويجوز أن يكون تذكير الضمير لينصرف إلى الصداق الواحد ، فيكون متناولا بعضه. فلو أنث لتناول ظاهره هبة الصداق كله ، لأن بعض الصدقات واحد منها فصاعدا انتهى. وأقول : حسن تذكير الضمير ، لأن معنى : فإن طبن ، فإن طابت كل واحدة ، فلذلك قال منه أي : من صداقها ، وهو نظير : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) (٢) أي لكل واحدة ، ولذلك أفرد متكأ. وقيل : يعود على صدقاتهن مسلوكا به مسلك اسم الإشارة ، كأنه قيل عن شيء من ذلك. واسم الإشارة وإن كان مفردا قد يشار به إلى مجموع كقوله : (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) (٣).
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٢.
(٢) سورة يوسف : ١٢ / ٣١.
(٣) سورة آل عمران : ٣ / ١٥.