والضحاك والسدي وغيرهم : نزلت فيّ ولد الرجل الصغار وامرأته. وقال ابن جبير : في المحجورين. وقال مجاهد : في النساء خاصة. وقال أبو موسى الأشعري والطبري وغيرهما : نزلت في كل من اقتضى الصفة التي شرط الله من السفه كائنا من كان. ويضعف قول مجاهد أنها في النساء ، كونها جمع سفيهة ، والعرب إنما تجمع فعيلة على فعائل أو فعيلات قاله : ابن عطية. ونقلوا أنّ العرب جمعت سفيهة على سفهاء ، فهذا اللفظ قد قالته العرب للمؤنث ، فلا يضعف قول مجاهد. وإن كان جمع فعيلة الصفة للمؤنث نادرا لكنه قد نقل في هذا اللفظ خصوصا. وتخصيص ابن عطية جمع فعيلة بفعائل أو فعيلات ليس بجيد ، لأنه يطرد فيه فعال كظريفة وظراف ، وكريمة وكرام ، ويوافق في ذلك المذكر. وإطلاقه فعيلة دون أن يخصها بأن لا يكون بمعنى مفعولة نحو : قتيلة ، ليس بجيد ، لأن فعيلة لا تجمع على فعائل.
وقيل : عنى بالسفهاء الوارثين الذين يعلم من حالهم أنهم يتسفهون في استعمال ما تناله أيديهم ، فنهى عن جمع المال الذي ترثه السفهاء. والسفهاء : هم المبذرون الأموال بالإنفاق فيما لا ينبغي ، ولا يد لهم بإصلاحها وتثميرها والتصرّف فيها. والظاهر في قوله : أموالكم أن المال مضاف إلى المخاطبين بقوله : ولا تؤتوا. قال أبو موسى الأشعري وابن عباس والحسن وقتادة : نهى أن يدفع إلى السفيه شيء من مال غيره ، وإذا وقع النهي عن هذا فإن لا يؤتى شيئا من مال نفسه أولى وأحرى بالنهي ، وعلى هذا القول : وهو أن يكون الخطاب لأرباب الأموال. قيل : يكون في ذلك دلالة على أن الوصية للمرأة جائزة ، وهو قول عامة أهل العلم. وأوصى عمر إلى حفصة. وروي عن عطاء : أنها لا تكون وصيا. قال : ولو فعل حولت إلى رجل من قومه.
قيل : ويندرج تحتها الجاهل بأحكام البيع. وروي عن عمر أنه قال : «من لم يتفقه في الدين فلا يتجر في أسواقنا ، والكفار». وكره العلماء أن يوكل المسلم ذميا بالبيع والشراء ، أو يدفع إليه يضاربه. وقال ابن جبير : يريد أموال السفهاء ، وأضافها إلى المخاطبين تغبيطا بالأموال ، أي : هي لهم إذا احتاجوها كأموالكم التي تقي أعراضكم وتصونكم وتعظم أقداركم. ومن مثل هذا : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (١) وما جرى مجراه. وهذا القول ذكره الزمخشري أولا قال : والخطاب للأولياء ، وأضاف الأموال إليهم لأنها من جنس
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٢٩.