ما يقيم به الناس معائشهم. كما قال : ولا تقتلوا أنفسكم ، (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) (١) ، والدليل على أنه خطاب للأولياء في أموال اليتامى قوله : (وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ) (٢).
وقرأ الحسن والنخعي : اللاتي. وقرأ الجمهور : التي. قال ابن عطية : والأموال جمع لا يعقل ، فالأصوب فيه قراءة الجماعة انتهى. واللاتي جمع في المعنى للتي ، فكان قياسه أن لا يوصف به الإماء وصف مفرده بالتي ، والمذكر لا يوصف بالتي سواء كان عاقلا أو غير عاقل ، فكان قياس جمعه أن لا يوصف بجمع التي الذي هو اللاتي. والوصف بالتي يجري مجرى الوصف بغيره من الصفات التي تلحقها التاء للمؤنث. فإذا كان لنا جمع لا يعقل فيجوز أن يجري الوصف عليه كجريانه على الواحدة المؤنثة ، ويجوز أن يجري الوصف عليه كجريانه على جمع المؤنثات فتقول : عندي جذوع منكسرة ، كما تقول : امرأة طويلة ، وجذوع منكسرات. كما تقول : نساء صالحات جرى الوصف في ذلك مجرى الفعل. والأولى في الكلام معاملته معاملة ما جرى على الواحدة ، هذا إذا كان جمع ما لا يعقل للكثرة. فإذا كان جمع قلة ، فالأولى عكس هذا الحكم : فأجذاع منكسرات أولى من أجذاع منكسرة ، وهذا فيما وجد له الجمعان : جمع القلة ، وجمع الكثرة. أمّا ما لا يجمع إلا على أحدهما ، فينبغي أن يكون حكمه على حسب ما تطلقه عليه من القلة والكثرة. وإذا تقرر هذا أنتج أنّ التي أولى من اللاتي ، لأنه تابع لجمع لا يعقل. ولم يجمع مال على غيره ، ولا يراد به القلة لجريان الوصف به مجرى الوصف بالصفة التي تلحقها التاء للمؤنث ، فلذلك كانت قراءة الجماعة أصوب. وقال الفراء : تقول العرب في النساء : اللاتي ، أكثر مما تقول التي. وفي الأموال تقول التي أكثر مما تقول اللاتي ، وكلاهما في كليهما جائز. وقرىء شاذا للواتي ، وهو أيضا في المعنى جمع التي.
ومعنى قياما تقومون بها وتنتعشون بها ، ولو ضيعتموها لتلفت أحوالكم. قال الضحاك : جعلها الله قياما لأنه يقام بها الحج والجهاد وإكمال البر ، وبها فكاك الرقاب من رق ومن النار ، وكان السلف تقول : المال سلاح المؤمن ، ولأن أترك ما يحاسبني الله عليه خير من أن أحتاج إلى الناس. وعن سفيان الثوري وكانت له بضاعة يقلبها : لو لاها لتمندل أي : بنو العباس. وكانوا يقولون : اتجروا فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٢٥.
(٢) سورة النساء : ٤ / ٥.