الرزق إلى غير الله تعالى ، كما قال : (وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (١) وقيل : كان ذلك في الورثة واجبا فنسخته آية الميراث ، والضمير في : منه عائد على المال المقسوم ، ودل عليه القسمة ، لأن القسمة وهي المصدر تدل على متعلقها وهو المال. وقيل : يعود إلى ما من قوله : ما ترك الوالدان والأقربون. ومن قال : القسمة المقسوم ، أعاد الضمير إلى القسمة على معنى التذكير ، إذ المراد المقسوم. وقدّم اليتامى على المساكين لأنّ ضعفهم أكثر ، وحاجتهم أشد ، فوضع الصدقات فيهم أفضل وأعظم للأجر. والظاهر أنهم يرزقون من عين المال المقسوم ، ورأى عبيدة وابن سيرين : أن الرزق في هذه الآية أن يصنع لهم طعام يأكلونه ، وفعلا ذلك وذبحا شاة من التركة ، وقسم عند عبيدة مال ليتيم فاشترى منه شاة وذبحها ، وقال عبيدة : لو لا هذه لكانت من مالي. وقوله : منه يدل على التبعيض ، ولا تقدير فيه بالإجماع ، وهذا مما يدل على الندب. إذ لو كان لهؤلاء حق معين لبين الله قدر ذلك الحق ، كما بين في سائر الحقوق. وعلى هذا فقهاء الأمصار إذا كان الورثة كبارا ، وإن كانوا صغارا فليس إلا القول المعروف.
والضمير في قوله : وقولوا لهم ، عائد على ما عاد عليه الضمير في : فارزقوهم ، وهم : أولوا القربى واليتامى والمساكين. وقال ابن جرير : الآية محكمة في الوصية ، والضمير في فارزقوهم عائد على أولي القربى الموصى لهم ، وفي لهم عائد على اليتامى والمساكين. أمر أن يقال لهم قول معروف. وقيل أيضا بتفريق الضمير ، ويكون المراد من أولي القربى الذين يرثون ، والمراد من اليتامى والمساكين الذين لا يرثون. فقوله : فارزقوهم راجع إلى أولي القربى. وقوله : لهم ، راجع إلى اليتامى والمساكين. وما قيل من تفريق الضمير تحكم لا دليل عليه.
والمقول المعروف فسره هنا ابن جبير أن يقول لهم : هذا المال لقوم غيب أو ليتامى صغار ، وليس لكم فيه حق. وقيل : الدعاء لهم بالرزق والغنى. وقيل : هو القول الدال على استقلال ما أرضخوهم به ، وروي عن ابن جبير. وقيل : العدة الحسنة بأن يقال : هؤلاء أيتام صغار ، فإذا بلغوا أمرناهم أن يعرفوا حقكم قاله : عطاء بن يسار ، عن ابن جبير. وقيل : المعروف ما يؤنس به من دعاء وغيره. وظاهر الكلام أن الأصناف الثلاثة يجمع لهم بين الرزق والقول المعروف. وقيل : إما أن يعطوا وإما أن يقال لهم قول معروف.
__________________
(١) سورة الجمعة : ٦٢ / ١١.