بقوله : (وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) (١) فدل على أن للذكر حالة الانفراد مثلي ذلك ومثلا النصف ، هو الكل انتهى.
وقرأ الحسن واب أبي عبلة : يوصيكم بالتشديد. قرأ الحسن ونعيم بن ميسرة والأعرج : ثلثا وثلث والربع والسدس والثمن بإسكان الوسط ، والجمهور بالضم ، وهي لغة الحجاز وبني أسد ، قاله : النحاس من الثلث إلى العشر. وقال الزجاج هي لغة واحدة ، والسكون تخفيف ، وتقدير الآية : يوصيكم الله في شأن أولادكم الوارثين للذكر منهم حظ مثل حظ الأنثيين حالة اجتماعهم مما ترك الموروثون أن انفرد بالإرث ، فإن كان معهما ذو فرض كان ما يبقى من المال لهما ، والفروض هي المذكورة في القرآن وهي ستة : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسدس.
(فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) ظاهر هذا التقسيم أنّ ما زاد على الثنتين من الأولاد يرثن الثلثين مما ترك موروثهما ، وظاهر السياق انحصار الوارث فيهن. ولما كان لفظ الأولاد يشمل الذكور والإناث ، وقصد هنا بيان حكم الإناث ، أخلص الضمير للتأنيث. إذ الإناث أحد قسمي ما ينطلق عليه الأولاد ، فعاد الضمير على أحد القسمين ، وكأن قوله تعالى : (فِي أَوْلادِكُمْ) (٢) في قوة قوله : (فِي أَوْلادِكُمْ) الذكور والإناث. وإذا كان الضمير قد عاد على جمع التكسير العاقل المذكر بالنون في نحو قوله : ورب الشياطين ومن أضللن كما يعود على الإناث كقوله : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ) (٣) فلأن يعود على جمع التكسير العاقل الجامع للمذكر والمؤنث ، باعتبار أحد القسمين الذي هو المؤنث أولى ، واسم كان الضمير العائد على أحد قسمي الأولاد ، والخبر نساء بصفته الذي هو فوق اثنتين ، لأنه لا تستقل فائدة الأخبار بقوله : نساء وحده ، وهي صفة للتأكيد ترفع أن يراد بالجمع قبلهما طريق المجاز ، إذ قد يطلق الجمع ويراد به التثنية. وأجاز الزمخشري أن يكون نساء خبرا ثانيا ، لكان ، وليس بشيء ، لأن الخبر لا بد أن تستقل به فائدة الإسناد. ولو سكت على قوله فإن كن نساء لكان نظير ، أن كان الزيدون رجالا ، وهذا ليس بكلام. وقال بعض البصريين : التقدير وإن كان المتروكات نساء فوق اثنتين. وقدره الزمخشري : البنات أو المولودات.
وقال الزمخشري : (فإن قلت) : هل يصح أن يكون الضميران في كن وكانت مبهمين ، ويكون نساء وواحدة تفسيرا لهما على أن كان تامّة؟ (قلت) : لا أبعد ذلك انتهى.
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ١١.
(٢) سورة النساء : ٤ / ١١.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٣٣.