وأما أم الأم فتسمى أمّا مجازا ، لكن لا يفرض لها الثلث إجماعا ، وأجمعوا على أن للجدة السدس إذا لم يكن للميت أم ، وعلى أن الأم تحجب أمها وأم الأب ، وعلى أن الأب لا يحجب أم الأم. واختلفوا في توريث الجدة وابنتها. فروي عن عثمان وعلي وزيد : أنها لا ترث وابنتها حية ، وبه قال : الأوزاعي ، والثوري ، ومالك ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي. وروي عن عثمان وعلي أيضا ، وعمرو ابن مسعود وأبي موسى وجابر : أنها ترث معها. وقال به : شريك ، وعبيد الله بن الحسن ، وأحمد ، وإسحاق ، وابن المنذر. وقال : كما أن الجد لا يحجبه إلا الأب ، كذلك الجدة لا يحجبها إلا الأم.
وقرأ الإخوان : فلأمه هنا موضعين ، وفي القصص (فِي أُمِّها) (١) وفي الزخرف : في (أُمِّ الْكِتابِ) (٢) بكسر الهمزة ، لمناسبة الكسرة والياء. وكذا قرأ من (بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) (٣) في النحل والزمر والنجم ، أو (بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ) (٤) في النور. وزاد حمزة : في هذه كسر الميم اتباعا لكسرة الهمزة وهذا في الدرج. فإذا ابتدأ بضم الهمزة ، وهي قراءة الجماعة درجا وابتداء. وذكر سيبويه أن كسر الهمزة من أم بعد الياء ، والكسر لغة. وذكر الكسائي والفراء : أنها لغة هوازن وهذيل.
(فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) ، المعنى : أنه إذا كان أب وأم وإخوة ، كان نصيب الأم السدس ، وحطها الإخوة من الثلث إلى السدس ، وصار الأب يأخذ خمسة الأسداس. وذهب ابن عباس إلى أن الإخوة يأخذون ما حجبوا الأم عنه وهو السدس ، ولا يأخذه الأب. وروي عنه : أن الأب يأخذه لا الإخوة ، لقول الجماعة من العلماء. قال قتادة : وإنما أخذه الأب دونهم لأنه يمونهم ويلي نكاحهم والنفقة عليهم. وظاهر لفظ إخوة اختصاصه بالجمع المذكر ، لأن إخوة جمع أخ. وقد ذهب إلى ذلك طائفة فقالوا : الإخوة تحجب الأم عن الثلث دون الأخوات ، وعندنا يتناول الجمعين على سبيل التغليب. فإذن يصير المراد بقوله : إخوة ، مطلق الإخوة ، أي : أشقاء ، أو لأب ، أو لأم ، ذكورا أو إناثا ، أو الصنفين. وظاهر لفظ إخوة ، الجمع. وأن الذين يحطون الأم إلى السدس ثلاثة فصاعدا ، وهو قول ابن عباس : الأخوات عنده في حكم الواحد لا يحطان كما لا يحط ، فالجمهور على أن الأخوين حكمهما في الحط حكم الثلاث فصاعدا.
ومنشأ الخلاف : هل الجمع أقله اثنان أو ثلاثة؟ وهي مسألة يبحث فيها في أصول
__________________
(١) سورة القصص : ٢٨ / ١٠ ، ١٢.
(٢) سورة الزخرف : ٤٣ / ٤.
(٣) سورة النحل : ١٦ / ٧٨ ، وسورة الزمر : ٣٩ / ٦.
(٤) سورة النور : ٢٤ / ٦١.