به سلطان الموت ، وروى أبو أيوب عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «أن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» وعن الحسن أن إبليس قال حين أهبط إلى الأرض : وعزتك لا أفارق ابن آدم ما دام روحه في جسده ، فقال : وعزتي لا أغلق عليه باب التوبة ما لم يغرغر. قيل : وسميت هذه المدة قريبة لأن الأجل آت ، وكل ما هو آت قريب. وتنبيها على أن مدة عمر الإنسان وإن طالت فهي قليلة قريبة ، ولأنّ الإنسان يتوقع كل لحظة نزول الموت به ، وما هذه حاله فإنه يوصف بالقرب.
وارتفاع التوبة على الابتداء ، والخبر هو على الله ، وللذين متعلق بما يتعلق به على الله ، والتقدير : إنما التوبة مستقرة على فضل الله وإحسانه للذين. وقال أبو البقاء : في هذا الوجه يكون للذين يعملون السوء حالا من الضمير في قوله : على الله ، والعامل فيها الظرف ، والاستقرار أي ثابتة للذين انتهى. ولا يحتاج إلى هذا التكلف. وأجاز أبو البقاء أن يكون الخبر للذين ، ويتعلق على الله بمحذوف ، ويكون حالا من محذوف أيضا والتقدير : إنما التوبة إذا كانت ، أو إذ كانت على الله. فإذا وإذ ظرفان العامل فيهما للذين ، لأن الظرف يعمل فيه المعنى وإن تقدم عليه. وكان تامة ، وصاحب الحال ضمير الفاعل لكان. قال : ولا يجوز أن يكون على الله حالا يعمل فيها للذين ، لأنه عامل معنوي ، والحال لا يتقدم على المعنوي. ونظير هذه المسألة قولهم : هذا بسرا أطيب منه رطبا انتهى. وهو وجه متكلف في الإعراب ، غير متضح في المعنى ، وبجهالة في موضع الحال أي : مصحوبين بجهالة. ويجوز عندي أن تكون باء السبب أي الحامل لهم على عمل السوء هو الجهالة ، إذ لو كانوا عالمين بما يترتب على المعصية متذكرين له حالة إتيان المعصية ما عملوها كقوله «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» لأن العقل حينئذ يكون مغلوبا أو مسلوبا. ومن في قوله : من قريب ، تتعلق بيتوبون ، وفيها وجهان : أحدهما : أنها للتبعيض ، أي بعض زمان قريب ، ففي أي جزء من أجزاء هذا الزمان أتى بالتوبة فهو تائب من قريب. والثاني : أن تكون لابتداء الغاية ، أي يبتدىء التوبة من زمان قريب من المعصية لئلا يقع في الإصرار. ومفهوم ابتداء الغاية : أنه لو تاب من زمان بعيد فإنه يخرج عن من خصّ بكرامة ختم قبول التوبة على الله المذكورة في الآية بعلى ، في قوله : على الله. وقوله : يتوب الله عليهم ، ويكون من جملة الموعودين بكلمة عسى في قوله : فأولئك (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (١).
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ١٠٢.