وهذا الذي فسروه كله متقارب.
(شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ) سبب نزولها أن حبرين من الشام قدما المدينة ، فقال أحدهما للآخر : ما أشبه هذه بمدينة النبي الخارج في آخر الزمان ، ثم عرفا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالنعت ، فقالا : أنت محمد؟ قال : «نعم». فقالا : أنت أحمد؟ فقال : «نعم». فقالا : نسألك عن شهادة إن أخبرتنا بها آمنا. فقال : «سلاني» فقال أحدهما : أخبرنا عن أعظم الشهادة في كتاب الله ، فنزلت ، وأسلما.
وقال ابن جبير : كان حول البيت ثلاثمائة وستون صنما ، فلما نزلت هذه الآية خرت سجدا.
وقيل : نزلت في نصارى نجران لما حاجوا في أمر عيسى.
وقيل : في اليهود والنصارى لما تركوا اسم الإسلام وتسموا باليهودية والنصرانية.
وقيل : إنهم قالوا : ديننا أفضل من دينك ، فنزلت.
وأصل : شهد ، حضر ، ثم صرفت الكلمة في أداء ما تقرر علمه في النفس ، فأي وجه تقرر من حضور أو غيره. فقيل : معنى : شهد ، هنا : أعلم. قاله المفضل وغيره ، وقال الفرّاء ، وأبو عبيدة : قضى ، وقال مجاهد : حكم ، وقيل : بين. وقال ابن كيسان : شهد بإظهار صنعه.
وفي كل شيء له آية |
|
تدل على أنه الواحد |
قال الزمخشري : شبهت دلالته على وحدانيته بأفعاله الخاصة التي لا يقدر عليها غيره ، وبما أوحى من آياته الناطقة بالتوحيد كسورة الإخلاص ، وآية الكرسي وغيرهما بشهادة الشاهد في البيان والكشف ، وكذلك إقرار الملائكة وأولي العلم بذلك ، واحتجاجهم عليه. انتهى. وهو حسن.
وقال المروزي : ذكر شهادته سبحانه على سبيل التعظيم لشهادة من ذكر بعده ، كقوله : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) (١) انتهى.
ومشاركة الملائكة وأولي العلم لله تعالى في الشهادة من حيث عطفا عليه لصحة
__________________
(١) سورة الأنفال : ٨ / ١.