عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (١) وإلى هذا ذهب الحسن وابن زيد. وقال السدي : هو في المتعة. والمعنى : فيما تراضيتم به من بعد الفريضة زيادة في الأجل ، وزيادة في المهر قبل استبراء الرحم. وقال ابن عباس : في رد ما أعطيتموهن إليكم. وقال ابن المعتمر : فيما تراضيتم به من النقصان في الصداق إذا أعسرتم. وقيل : معناه إبراء المرأة عن المهر ، أو توفيته ، أو توفية الرجل كل المهر إن طلق قبل الدخول. وقيل : فيما تراضيتم به من بعد فرقة ، أو إقامة بعد أداء الفريضة ، وروي عن ابن عباس وقد استدل على الزيادة في المهر بقوله : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) ، قيل : لأن ما عموم في الزيادة والنقصان والتأخير والحط والإبراء ، وعموم اللفظ يقتضي جواز الجميع ، وهو بالزيادة أخص منه بغيرها مما ذكرناه ، لأن المرأة والحط والتأجيل لا يحتاج في وقوعه إلى رضا الرجل ، والاقتصار على ما ذكر دون الزيادة يسقط فائدة ذكر تراضيهما. وذهب أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : إلى أن الزيادة في الصداق بعد النكاح جائزة ، وهي ثابتة إن دخل بها أو مات عنها. وإن طلقها قبل الدخول بطلت الزيادة. وقال مالك : تصح الزيادة ، فإن طلقها قبل الدخول رجع ما زادها إليه ، وإن مات عنها قبل أن يقبض فلا شيء لها. وقال الشافعي وزفر : الزيادة بمنزلة هبة مستقبلة إن أقبضها جازت ، وإلا بطلت.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بما يصلح أمر عباده.
(حَكِيماً) في تقديره وتدبيره وتشريعه.
(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) الطول : السعة في المال قاله : ابن عباس ، ومجاهد ، وابن جبير ، والسدي ، وابن زيد ، ومالك في المدونة. وقال ابن مسعود ، وجابر ، وعطاء ، والشعبي ، والنخعي ، وربيعة : الطول هنا الجلد والصبر لمن أحب أمة وهويها حتى صار لا يستطيع أن يتزوج غيرها فله أن يتزوجها ، وإن كان يجد سعة في المال لنكاح حرة. والمحصنات هنا الحرائر ، يدل على ذلك التقسيم بينهن وبين الإماء. وقالت فرقة : معناه العفائف ، وهو ضعيف.
واختلفوا في جواز نكاح الأمة لواجد طول الحرة. وظاهر الآية يدل على أنّ من لم يستطع ما يتزوج به الحرة المؤمنة وخاف العنت ، فيجوز له أن يتزوج الأمة المؤمنة ، ويكون
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٤.