(مُحْصَناتٍ) أي عفائف ، ويحتمل مسلمات.
(غَيْرَ مُسافِحاتٍ) أي غير معلنات بالزنا.
(وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) أي : ولا متسترات بالزنا مع أخدانهن. وهذا تقسيم الواقع لأن الزانية إما أن تكون لا ترد يد لامس ، وإما أن تقتصر على واحد ، وعلى هذين النوعين كان زنا الجاهلية. قال ابن عباس : كان قوم يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي منه. والخدن : هو الصديق للمرأة يزني بها سرا ، فنهى الله تعالى عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن. وانتصاب محصنات على الحال ، والظاهر أنّ العامل فيه : وآتوهن ، ويجوز على هذا الوجه أن يكون معنى محصنات مزوجات أي : وآتوهن أجورهن في حال تزويجهن ، لا في حال سفاح ، ولا اتخاذ خدن. قيل : ويجوز أن يكون العامل في محصنات فانكحوهن محصنات أي : عفائف أو مسلمات ، غير زوان.
(فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) قال الجمهور ومنهم ابن مسعود : الإحصان هنا الإسلام. والمعنى : أن الأمة المسلمة عليها نصف حد الحرة المسلمة. وقد ضعف هذا القول ، بأن الصفة لهن بالإيمان قد تقدّمت في قوله : (مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) (١) فكيف يقال في المؤمنات : فإذا أسلمن؟ قاله : إسماعيل القاضي. وقال ابن عطية : ذلك غير لازم ، لأنه جائز أن يقطع في الكلام ويزيد ، فإذا كنّ على هذا الصفة المتقدمة من الإيمان فإن أتين فعليهن ، وذلك سائغ صحيح انتهى. وليس كلامه بظاهر ، لأن أسلمن فعل دخلت عليه أداة الشرط ، فهو مستقبل مفروض التجدد والحدوث فيما يستقبل ، فلا يمكن أن يعبر به عن الإسلام ، لأن الإسلام متقدم سابق لهن. ثم إنه شرط جاء بعد قوله تعالى : (فَانْكِحُوهُنَ) (٢) فكأنه قيل : فإذا أحصن بالنكاح ، فإن أتين.
ومن فسر الإحصان هنا بالإسلام جعله شرطا في وجوب الحد ، فلو زنت الكافرة لم تحد ، وهذا قول : الشعبي ، والزهري ، وغيرهما ، وقد روي عن الشافعي. وقالت فرقة : هو التزويج ، فإذا زنت الأمة المسلمة التي لم تتزوج فلا حد عليها قاله : ابن عباس ، والحسن ، وابن جبير ، وقتادة. وقالت فرقة : هو التزوج. وتحد الأمة المسلمة بالسنة تزوجت أو لم
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٢٥.
(٢) سورة النساء : ٤ / ٢٥.