عتقت قبل أن يقام عليها الحد أقيم عليها حد أمة ، وهذا مجمع عليه. والمحصنات هنا الأبكار الحرائر ، لأنّ الثيب عليها الرجم. وظاهر الآية أنه لا يجب إلا هذا الحدّ. وذهب أهل الظاهر منهم داود : إلى أنه يجب بيعها إذا زنت زنية رابعة.
وقرأ حمزة والكسائي : أحصن مبنيا للفاعل ، وباقي السبعة : مبنيا للمفعول إلا عاصما ، فاختلف عنه. ومن بناه للمفعول فهو ظاهر حدّا في أنه أريد به التزوج ، ويقوي حمله مبنيا للفاعل على هذا المعنى أي : أحصن أنفسهن بالتزويج. وجواب فإذا الشرط وجوابه وهو قوله : فإن أتين بفاحشة فعليهن ، فالفاء في : فإن أتين هي فاء الجواب ، لا فاء العطف ، ولذلك ترتب الثاني ، وجوابه على وجود الأول ، لأنّ الجواب مترتب على الشرط في الوجود ، وهو نظير : إن دخلت الدار فإن كلمت زيدا فأنت طالق ، لا يقع الطلاق إلا إذا دخلت الدار أولا ثم كلمت زيدا ثانيا. ولو أسقطت الفاء من الشرط الثاني لكان له حكم غير هذا ، وتفصيل ذكر في النحو. ومن العذاب في موضع الحال من الضمير المستكن في صلة ما.
(ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) ذلك إشارة إلى نكاح عادم طول الحرّة المؤمنة. والعنت : هو الزنا. قاله : ابن عباس ، ومجاهد ، وابن جبير ، والضحاك ، وعطية العوفي ، وعبد الرحمن بن زيد. والعنت : أصله المشقة ، وسمي الزنا عنتا باسم ما يعقبه من المشقة في الدنيا والآخرة. قال المبرد : أصل العنت أن يحمله العشق والشبق على الزنا ، فيلقى العذاب في الآخرة ، والحدّ في الدنيا. وقال أبو عبيدة والزجاج : العنت الهلاك. وقالت طائفة : الحد. وقالت طائفة : الإثم الذي تؤدي إليه غلبة الشهوة. وظاهر هذا أنه إذا لم يخش العنت لا يجوز له نكاح الأمة. والذي دلّ عليه ظاهر القرآن : أنه لا يجوز نكاح الحرّ الأمة إلا بثلاثة شروط : اثنان في الناكح وهما : عدم طول الحرّة المؤمنة ، وخوف العنت. وواحد في الأمة وهو الإيمان.
(وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) ظاهره الإخبار عن صبر خاص ، وهو غير نكاح الإماء ، وقاله ابن عباس ومجاهد وابن جبير والسدي : وجهة الخيرية كونه لا يرق ولده ، وأن لا يبتذل هو ، وينتقص في العادة بنكاح الأمة. وفي سنن ابن ماجة من حديث أنس قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر» وجاء في الحديث : «انكحوا الأكفاء واختاروا لنطفكم». وقيل : المراد وإن تصبروا عن الزنا بنكاح