نسبة الإعلام ، أو صحة نسبة الإظهار والبيان ، وإن اختلفت كيفية الإظهار والبيان من حيث أن إظهاره تعالى بخلق الدلائل ، وإظهار الملائكة بتقريرها للرسل ، والرسل لأولي العلم.
وقال الواحدي : شهادة الله بيانه وإظهاره ، والشاهد هو العالم الذي بيّن ما علمه ، والله تعالى بيّن دلالات التوحيد بجميع ما خلق ، وشهادة الملائكة بمعنى الإقرار كقوله : (قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا) (١) أي : أقررنا. فنسق شهادة الملائكة على شهادة الله ، وإن اختلفت معنى ، لتماثلهما لفظا. كقوله : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) (٢) لأنها من الله الرحمة ، ومن الملائكة الاستغفار والدعاء. وشهادة أولي العلم يحتمل الإقرار ويحتمل التبيين ، لأنهم أقرّوا وبينوا. انتهى.
وقال المؤرج : شهد الله ، بمعنى : قال الله ، بلغة قيس بن غيلان.
و (أُولُوا الْعِلْمِ) قيل : هم الأنبياء. وقيل : مؤمنو أهل الكتاب. وقيل : المهاجرون والأنصار. وقيل : علماء المؤمنين. وقال الحسن : المؤمنون.
والمراد بأولي العلم : من كان من البشر عالما ، لأنهم ينقسمون إلى : عالم وجاهل ، بخلاف الملائكة. فإنهم في العلم سواء.
و (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : مفعول : شهد ، وفصل به بين المعطوف عليه والمعطوف ، ليدل على الاعتناء بذكر المفعول ، وليدل على تفاوت درجة المتعاطفين ، بحيث لا ينسقان متجاورين. وقدم الملائكة على أولي العلم من البشر لأنهم الملأ الأعلى ، وعلمهم كله ضروري ، بخلاف البشر ، فإن علمهم ضروري واكتسابي.
وقرأ أبو الشعثاء : شهد ، بضم الشين مبنيا للمفعول ، فيكون : أنه ، في موضع البدل أي : شهد وحدانية الله وألوهيته. وارتفاع : الملائكة ، على هذه القراءة على الابتداء ، والخبر محذوف تقديره : والملائكة وأولو العلم يشهدون. وحذف الخبر لدلالة المعنى عليه ، ويحتمل أن يكون فاعلا بإضمار فعل محذوف لدلالة شهد عليه ، لأنه إذا بني الفعل للمفعول فإنه قبل ذلك كان مبنيا للفاعل ، والتقدير : وشهد بذلك الملائكة وأولو العلم.
وقرأ أبو المهلب ، عم محارب بن دثار : شهداء الله ، على وزن : فعلاء ، جمعا منصوبا.
__________________
(١) سورة الأنعام : ٦ / ١٣٠.
(٢) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥٦.