لفساد العطف ، إذ يصير التقدير : ولكل إنسان ، أو : لكل شيء من المال جعلنا ورّاثا. والذين عاقدت أيمانكم ، فإن كان من عطف الجمل وحذف المفعول الثاني لدلالة المعنى عليه أمكن ذلك ، أي جعلنا ورّاثا لكل شيء من المال ، أي : لكل إنسان ، وجعلنا الذين عاقدت أيمانكم ورّاثا. وهو بعد ذلك توجيه متكلف ، ومفعول عاقدت ضمير محذوف أي : عاقدتهم أيمانكم ، وكذلك في قراءة عقدت هو محذوف تقديره : عقدت حلفهم ، أو عهدهم أيمانكم. وإسناد المعاقدة أو العقد للإيمان سواء أريد بها القسم ، أم الجارحة ، مجاز بل فاعل ذلك هو الشخص.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) لما ذكر تعالى تشريع التوريث ، وأمر بإيتاء النصيب ، أخبر تعالى أنه مطلع على كل شيء فهو المجازي به ، وفي ذلك تهديد للعاصي ، ووعد للمطيع ، وتنبيه على أنه شهيد على المعاقدة بينكم. والصلة فأوفوا بالعهد.
(الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) قيل : سبب نزول هذه الآية أنّ امرأة لطمها زوجها فاستعدت ، فقضى لها بالقصاص ، فنزلت. فقال صلىاللهعليهوسلم : «أردت أمرا وأراد الله غيره» قاله : الحسن ، وقتادة ، وابن جريج ، والسدي وغيرهم. فذكر التبريزي والزمخشري وابن عطية : أنها حبيبة بنت زيد بن أبي زهير زوج الرّبيع بن عمر ، وأحد النقباء من الأنصار. وطولوا القصة وفي آخرها : فرفع القصاص بين الرجل والمرأة ، وقال الكلبي : هي حبيبة بنت محمد بن سلمة زوج سعيد بن الربيع. وقال أبو روق : هي جميلة بنت عبد الله بن أبي أوفى زوج ثابت بن قيس بن شماس. وقيل : نزل معها : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) (١) وفي سبب من عين المرأة أن زوجها لطمها بسبب نشوزها. وقيل : سبب النزول قول أم سلمة المتقدم : لما تمنى النساء درجة الرجال عرفن وجه الفضيلة قيل : المراد بالرجال هنا من فيهم صدامة وحزم ، لا مطلق من له لحية. فكم من ذي لحية لا يكون له نفع ولا ضر ولا حرم ، ولذلك يقال : رجل بين الرجولية والرجولة. ولذلك ادعى بعض المفسرين أنّ في الكلام حذفا تقديره : الرجال قوامون على النساء إن كانوا رجالا. وأنشد :
أكل امرئ تحسبن امرأ |
|
ونار توقد بالليل نارا |
والذي يظهر أنّ هذا إخبار عن الجنس لم يتعرض فيه إلى اعتبار أفراده ، كأنه قيل :
__________________
(١) سورة طه : ٢٠ / ١١٤.