النضير في الجاهلية تدي من قتلت وتستقيه إذا قتلت قريظة منهم ، فأبت قريظة لما جاء الإسلام ، وطلبوا المنافرة ، فدعا المؤمنون منهم إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، ودعا المنافقون إلى بردة الكاهن ، فنزلت. وقال الحسن : احتكم المنافقون بالقداح التي يضرب بها عند الأوثان فنزلت. أو لسبب اختلافهم في أسباب النزول اختلفوا في الطاغوت. فقيل : كعب بن الأشرف. وقيل : الأوثان. وقيل : ما عبد من دون الله. وقيل : الكهان.
(وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) جملة حالية من قوله : يريدون ، ويريدون حال ، فهي حال متداخل. وأعاد الضمير هنا مذكرا ، وأعاده مؤنثا في قوله : اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها. وقرأ بها هنا عباس بن الفضل على التأنيث ، وأعاد الضمير كضمير جمع العقلاء في قوله : (أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ) (١).
(وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) ضلالا ليس جاريا على يضلهم ، فيحتمل أن يكون جعل مكان إضلال ، ويحتمل أن يكون مصدر المطاوع يضلهم ، أي : فيضلون ضلالا بعيدا. وقرأ الجمهور : بما أنزل إليك وما أنزل مبنيا للمفعول فيهما. وقرىء : مبنيا للفاعل فيهما.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) قرأ الحسن : تعالوا بضم اللام. قال أبو الفتح : وجهها أنّ لام الفعل من تعاليت حذفت تخفيفا ، وضمت اللام التي هي عين الفعل لوقوع واو الجمع بعدها. ولظهر الزمخشري حذف لام الكلمة هنا بحذفها في قولهم : ما باليت به بالة ، وأصله : بالية كعافية. وكمذهب الكسائي في آية ، أن أصلها أيلة فحذفت اللام. قال : ومنه قول أهل مكة : تعالي بكسر اللام للمرأة. وفي شعر الحمداني :
تعالي أقاسمك الهموم تعالي
والوجه : فتح اللام انتهى. وقول الزمخشري : قول أهل مكة تعالي يحتمل أن تكون عربية قديمة ، ويحتمل أن يكون ذلك مما غيرته عن وجهه العربي فلا يكون عربيا. وأما قوله في شعر الحمداني فقد صرّح بعضهم بأنه أبو فراس ، وطالعت ديوانه جمع الحسين بن خالويه فلم أجد ذلك فيه. وبنو حمدان كثيرون ، وفيهم عدة من الشعراء ، وعلى تقدير ثبوت ذلك في شعرهم لا حجة فيه ، لأنه لا يستشهد بكلام المولدين. والظاهر من قوله : رأيت
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٧.