القتل والخروج معا ، وذلك لأن الفعل جنس واحد ، وإن اختلفت صورته انتهى. وهو كلام غير نحوي.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) الضمير في : ولو أنهم مختص بالمنافقين ، ولا يبعد أن يكون أول الآية عاما وآخرها خاصا. قال الزمخشري : ما يوعظون به من اتباع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وطاعته ، والانقياد لما يراه ويحكم به ، لأنه الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى ، لكان خيرا لهم في عاجلهم وآجلهم ، وأشد تثبيتا لإيمانهم ، وأبعد من الاضطراب فيه. وقال ابن عطية : ولو أن هؤلاء المنافقين اتعظوا وأنابوا لكان خيرا لهم وتثبيتا معناه يقينا وتصديقا انتهى. وكلاهما شرح ما يوعظون به بخلاف ما يدل عليه الظاهر. لأنّ الذي يوعظ به ليس هو اتباع الرسول وطاعته ، وليس مدلول ما يوعظون به اتعظوا وأنابوا ، وقيل : الوعظ هنا بمعنى الأمر أي : ولو أنهم فعلوا ما يؤمرون به فانتهوا عما نهوا عنه. وقال في ري الظمآن : ما يوعظون به أي : ما يوصون ويؤمرون به من الإخلاص والتسليم. وقال الراغب : أخبر أنهم لو قبلوا الموعظة لكان خيرا لهم. وقال أبو عبد الله الرازي : المراد أنهم لو فعلوا ما كلفوا به وأمروا ، وسمي هذا التكليف والأمر وعظا ، لأن تكاليف الله تعالى مقرونة بالوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب ، والثواب والعقاب ، وما كان كذلك فإنه يسمى وعظا. وقال الماتريدي : وقيل ما يوعظون به من الأمر من القرآن.
وهذه كلها تفاسير تخالف الظاهر ، لأن الوعظ هو التذكار بما يحل بمن خالف أمر الله تعالى من العقاب ، فالموعظ به هي الجمل الدالة على ذلك ، ولا يمكن حمله على هذا الظاهر ، لأنهم لم يؤمروا بأن يفعلوا الموعظ به ، وإنما عرض لهم شرح ذلك بما خالف الظاهر ، لأنهم علقوا به بقوله : ما يوعظون ، على طريقة ما يفهم من قولك : وعظتك بكذا ، فتكون الباء قد دخلت على الشيء الموعظ به وهي الجملة الدالة على الوعظ. أما إذا كان المعنى على أنّ الباء للسببية فيحمل إذ ذاك اللفظ على الظاهر ، ويصح المعنى ، ويكون التقدير : ولو أنهم فعلوا الشيء الذي يوعظون بسببه أي : بسبب تركه. ودلّ على حذف تركه قوله : ولو أنهم فعلوا. ويبقى لفظ يوعظون على ظاهره ، ولا يحتاج إلى ما تأولوه.
لكان خيرا لهم : أي يحصل لهم خير الدارين ، فلا يكون أفعل التفضيل. ويحتمل أن يكونه أي : لكان أنفع لهم من غيره : وأشد تثبيتا ، لأنه حق ، فهو أبقى وأثبت. أو لأنّ الطاعة تدعو إلى أمثالها ، أو لأنّ الإنسان يطلب أولا تحصيل الخير ، فإذا حصله طلب