بقاءه. فقوله : لكان خيرا لهم إشارة إلى الحالة الأولى. وقوله : وأشد تثبيتا إشارة إلى الحالة الثانية. قاله : أبو عبد الله الرازي.
(وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) قال الزمخشري : وإذا جواب لسؤال مقدر كأنه قيل : وماذا يكون لهم أيضا بعد التثبيت؟ فقيل : وإذا لو ثبتوا لآتيناهم. لأنّ إذا جواب وجزاء انتهى. وظاهر قول الزمخشري : لأن إذا جواب وجزاء يفهم منه أنها تكون للمعنيين في حال واحد على كل حال ، وهذه مسألة خلاف. ذهب الفارسي إلى أنها قد تكون جوابا فقط في موضع ، وجوابا وجزاء في موضع نفي ، مثل : إذن أظنك صادقا لمن قال : أزورك ، هي جواب خاصة. وفي مثل : إذن أكرمك لمن قال : أزورك ، هي جواب وجزاء. وذهب الأستاذ أبو عليّ إلى أنها تتقدر بالجواب والجزاء في كل موضع وقوفا مع ظاهر كلام سيبويه. والصحيح قول الفارسي ، وهي مسألة يبحث عنها في علم النحو.
والأجر كناية عن الثواب على الطاعة ، ووصفه بالعظم باعتبار الكثرة ، أو باعتبار الشرف. والصراط المستقيم هو الإيمان المؤدّي إلى الجنة قاله : ابن عطية. وقيل : هو الطريق إلى الجنة. وقيل : الأعمال الصالحة. ولما فسر ابن عطية الصراط المستقيم بالإيمان قال : وجاء ترتيب هذه الآية كذا. ومعلوم أنّ الهداية قبل إعطاء الأجر ، لأن المقصد إنما هو تعديد ما كان الله ينعم به عليهم دون ترتيب ، فالمعنى : وكهديناهم قبل حتى يكونوا ممن يؤتى الأجر انتهى. وأمّا إذا فسرت الهداية إلى الصراط هنا بأنه طريق الجنة ، أو الأعمال الصالحة ، فإنه يظهر الترتيب.
(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) قال الكلبي : نزلت في ثوبان مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان شديد الحب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأتى ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه فقال : «يا ثوبان ما غير لونك؟» فقال : يا رسول الله ما بي مرض ولا وجع ، غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك ، واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ثم ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك هناك ، لأني أعرف أنك ترفع مع النبيين ، وإنّي وإن كنت أدخل الجنة كنت في منزل أدنى من منزلك ، وإن لم أدخل الجنة فذلك حين لا أراك أبدا. انتهى قول الكلبي. وحكي مثل قول ثوبان عن جماعة من الصحابة منهم : عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري ، وهو الذي أري الأذان قال :