بتقدير الاستقبال. وهذه الآية مشكلة لأن فيها ظرفين أحدهما : لما مضى ، والآخر : لما يستقبل انتهى. والذي نختاره مذهب سيبويه في لمّا ، وأنها حرف. ونختار أنّ إذا الفجائية ظرف مكان يصح أن يجعل خبرا للاسم المرفوع بعده على الابتداء ، ويصح أن يجعل معمولا للخبر. فإذا قلت : لما جاء زيد إذا عمرو قائم ، يجوز نصب قائم على الحال. وإذا حرف يصح رفعه على الخبر ، وهو عامل في إذا. وهنا يجوز أن يكون إذا معمولا ليخشون ، ويخشون خبر فريق. ويجوز أن يكون خبرا ، ويخشون حال من فريق ، ومنهم على الوجهين صفة لفريق. ومن زعم أنّ إذا هنا ظرف زمان لما يستقبل فقوله فاسد ، لأنه إن كان العامل فيها ما قبلها استحال ، لأن كتب ماض ، وإذا للمستقبل. وإن تسومح فجعلت إذا بمعنى إذ صار التقدير : فلما كتب عليهم القتال في وقت خشية فريق منهم ، وهذا يفتقر إلى جواب لما ، ولا جواب لها. وإن كان العامل فيها ما بعدها ، احتاجت إلى جواب هو العامل فيها ، ولا جواب لها. والقول في إذا الفجائية : أهي ظرف زمان؟ أم ظرف مكان؟ أم حرف مذكور في علم النحو؟ والكاف في كخشية الله في موضع نصب. قيل : على أنه نعت لمصدر محذوف أي : خشية كخشية الله. وعلى ما تقرر من مذهب سيبويه أنها على الحال من ضمير الخشية المحذوف ، أي : يخشونها الناس أي : يخشون الخشية الناس مشبهة خشية الله.
وقال الزمخشري : (فإن قلت) : ما محل كخشية الله من الإعراب؟ (قلت) : محلها النصب على الحال من الضمير في يخشون ، أي : يخشون الناس مثل أهل خشية الله أي : مشبهين لأهل خشية الله. أو أشد خشية ، يعني : أو أشد خشية من أهل خشية الله. وأشد معطوف على الحال. (فإن قلت) : لم عدلت عن الظاهر وهو كونه صفة للمصدر ولم تقدره : يخشون خشية الله ، بمعنى مثل ما يخشى الله؟ (قلت) : أبى ذلك قوله : أو أشد خشية ، لأنه وما عطف عليه في حكم واحد. ولو قلت : يخشون الناس أشدّ خشية لم يكن إلا حالا عن ضمير الفريق ، ولم ينتصب انتصاب المصدر ، لأنك لا تقول : خشي فلان أشد خشية ، فتنصب خشية وأنت تريد المصدر ، إنما تقول : أشد خشية فتجرها ، وإذا نصبتها لم يكن أشد خشية إلا عبارة عن الفاعل حالا منه ، اللهم إلا أن تجعل الخشية خاشية على حد قولهم : جد جده ، فتزعم أن معناه يخشون الناس خشية مثل خشية أشدّ خشية من خشية الله. ويجوز على هذا أن يكون محل أشدّ مجرورا عطفا على خشية الله ، يريد : كخشية الله أو كخشية أشدّ خشية منها انتهى كلامه. وقد يصح نصب خشية ، ولا يكون تمييزا فيلزم من