بالإخوة اثنتين ، وإن كان من يرث بالإخوة ذكورا وإناثا. وإنما قيل : فإن كانتا ، وإن كانوا. كما قيل : من كانت أمك ، فكما أنث ضمير من لمكان تأنيث الخبر ، كذلك ثنى ، وجمع ضمير من يرث في كانتا وكانوا ، لمكان تثنية الخبر وجمعه انتهى. وهو تابع في هذا التخريج غيره ، وهو تخريج لا يصح ، وليس نظير من كانت أمك ، لأنّ من صرّح بها ولها لفظ ومعنى. فمن أنّث راعى المعنى ، لأن التقدير : أية أم كانت أمك. ومدلول الخبر في هذا مخالف لمدلول الاسم ، بخلاف الآية ، فإنّ المدلولين واحد ،. ولم يؤنث في من كانت أمك لتأنيث الخبر ، إنّما أنث مراعاة لمعنى من إذ أراد بها مؤنثا. ألا ترى إنك تقول : من قامت فتؤنث مراعاة للمعنى إذا أردت السؤال عن مؤنث ، ولا خبر هنا فيؤنث قامت لأجله. والذي يظهر لي في تخريج الآية غير ما ذكر. وذلك وجهان : أحدهما : إنّ الضمير في كانتا لا يعود على أختين ، إنما هو يعود على الوارثتين ، ويكون ثم صفة محذوفة ، واثنتين بصفته هو الخبر ، والتقدير : فإن كانت الوارثتان اثنتين من الأخوات فلهما الثلثان مما ترك ، فيفيد إذ ذاك الخبر ما لا يفيد الاسم ، وحذف الصفة لفهم المعنى جائز. والوجه الثاني : أن يكون الضمير عائدا على الأختين كما ذكروا ، ويكون خبر كان محذوفا لدلالة المعنى عليه ، وإن كان حذفه قليلا ، ويكون اثنتين حالا مؤكدة والتقدير : فإن كانت أختان له أي للمرء الهالك. ويدل على حذف الخبر الذي هو له وله أخت ، فكأنه قيل : فإن كانت أختان له ، ونظيره أن تقول : إن كان لزيد أخ فحكمه كذا ، وإن كان أخوان فحكمهما كذا. تريد وإن كان أخوان له.
(وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) يعني أنهم يحوزون المال على ما تقرر في إرث الأولاد من أنّ للذكر مثل حظ الأنثيين. والضمير في كانوا إن عاد على الإخوة فقد أفاد الخبر بالتفصيل المحتوي على الرجال والنساء ، ما لم يفده الاسم ، لأن الاسم ظاهر في الذكور. وإن عاد على الوارث فظهرت إفادة الخبر ما لا يفيد المبتدأ ظهورا واضحا. والمراد بقوله : أخوة الإخوة والأخوات ، وغلب حكم المذكر. وقرأ ابن أبي عبلة : فإن للذكر مثل حظ الأنثيين.
(يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) أن تضلوا مفعول من أجله ، ومفعول يبين محذوف أي : يبين لكم الحق. فقدره البصري والمبرد وغيره : كراهة أن تضلوا. وقرأ الكوفي ، والفراء ، والكسائي ، وتبعهم الزجاج : لأن لا تضلوا ، وحذف لا ومثله عندهم قول القطامي :