وطعام ، جميع مطاعمهم. ويعزى إلى قوم ومنهم بعض أئمة الزيدية حمل الطعام هنا على ما لا يحتاج فيه إلى الذكاة كالخبز والفاكهة ، وبه قالت الإمامية. قال الشريف المرتضى : نكاح الكتابية حرام ، وذبائحهم وطعامهم وطعام من يقطع بكفره. وإذا حملنا الطعام على ما قاله الجمهور من الذبائح فقد اختلفوا فيما هو حرام عليهم ، أيحل لنا أم يحرم؟ فذهب الجمهور إلى أنّ تذكية الذمي مؤثرة في كل الذبيحة ما حرم عليهم منها وما حل ، فيجوز لنا أكله. وذهب قوم إلى أنه لا تعمل الذكاة فيما حرم عليهم ، فلا يحل لنا أكله كالشحوم المحضة ، وهذا هو الظاهر لقوله : وطعام الذين أوتوا الكتاب ، وهذا المحرم عليهم ليس من طعامهم. وهذا الخلاف موجود في مذهب مالك.
والظاهر حل طعامهم سواء سموا عليه اسم الله ، أم اسم غيره ، وبه قال : عطاء ، والقاسم بن بحصرة ، والشعبي ، وربيعة ، ومكحول ، والليث ، وذهب إلى أنّ الكتابي إذا لم يذكر اسم الله على الذبيحة وذكر غير الله لم تؤكل وبه قال : أبو الدرداء ، وعبادة بن الصامت ، وجماعة من الصحابة. وبه قال : أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وزفر ، ومالك. وكره النخعي والثوري أكل ما ذبح وأهلّ به لغير الله. وظاهر قوله : «أوتوا الكتاب» أنه مختص ببني إسرائيل والنصارى الذين نزل عليهم التوراة والإنجيل ، دون من دخل في دينهم من العرب أو العجم ، فلا تحل ذبائحهم لنا كنصارى بني تغلب وغيرهم. وقد نهى عن ذبائحهم عليّ رضياللهعنه ، وقال : لم يتمسكوا من النصرانية إلا بشرب الخمر. وذهب الجمهور ابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، وابن المسيب ، والشعبي ، وعطاء ، وابن شهاب ، والحكم ، وقتادة ، وحماد ، ومالك ، وأبو حنيفة وأصحابه : أنه لا فرق بين بني إسرائيل والنصارى ومن تهوّد أو تنصر من العرب أو العجم في حل أكل ذبيحتهم. والظاهر أنّ ذبيحة المجوسي لا تحل لنا لأنهم ليسوا من الذين أوتوا الكتاب. وما روي عن مالك أنه قال : هم أهل كتاب وبعث إليهم رسول يقال : رزادشت لا يصح. وقد أجاز قوم أكل ذبيحتهم مستدلين بقوله : «سنوا بهم سنة أهل الكتاب». وقال ابن المسيب : إذا كان المسلم مريضا فأمر المجوسي أن يذكر الله ويذبح فلا بأس. وقال أبو ثور : وإن أمر بذلك في الصحة فلا بأس. والظاهر أنّ ذبيحة الصابئ لا يجوز لنا أكلها ، لأنهم ليسوا من الذين أوتوا الكتاب. وخالف أبو حنيفة فقال : حكمهم حكم أهل الكتاب. وقال صاحباه : هم صنفان ، صنف يقرأون الزبور ويعبدون الملائكة ، وصنف لا يقرأون كتابا ويعبدون النجوم ، فهؤلاء ليسوا من أهل الكتاب