ظاهرها. قال الحسن : إذا فارت بهم النار فروا من بأسها ، فحينئذ يريدون الخروج ويطمعون فيه ، وذلك قوله : يريدون أن يخرجوا من النار. وقيل لجابر بن عبد الله : إنكم يا أصحاب محمد تقولون : إن قوما يخرجون من النار والله تعالى يقول : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) (١) فقال جابر إنما هذا في الكفار خاصة. وحكى الطبري عن نافع بن الأزراق الخارجي أنه قال لابن عباس : يا أعمى البصر ، يا أعمى القلب ، أتزعم أن قوما يخرجون من النار وقد قال الله تعالى : وما هم بخارجين منها؟ فقال له ابن عباس : اقرأ ما فوق هذه الآية في الكفار. وقال الزمخشري : وما يروى عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس وذكر الحكاية ، ثم قال : فمما لفقته المجبرة وليس بأول تكاذيبهم وافترائهم ، وكفاك بما فيه من مواجهة ابن الأزرق لابن عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو بين أظهر أعضاده من قريش ، وأنضاده من بني عبد المطلب ، وهو حبر هذه الأمة وبحرها ، ومفسرها بالخطاب الذي لا يجسر على مثله أحد من أهل الدنيا ، وبرفعه إلى عكرمة دليلين ناصين أن الحديث فرية ما فيها مرية انتهى. وهو على عادته وسفاهته في سب أهل السنة ، ومذهبه : أن من دخل النار لا يخرج منها. وقرأ الجمهور : أن يخرجوا مبنيا للفاعل ، ويناسبه : وما هم بخارجين منها. وقرأ النخعي ، وابن وثاب ، وأبو واقد : أن يخرجوا مبنيا للمفعول.
(وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) أي متأبد لا يحول.
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) قال السائب : نزلت في طعمة بن أبيرق ، ومضت قصته في النساء. ومناسبتها لما قبلها أنه لما ذكر جزاء المحاربين بالعقوبات التي فيها قطع الأيدي والأرجل من خلاف ، ثم أمر بالتقوى لئلا يقع الإنسان في شيء من الحرابة ، ثم ذكر حال الكفار ، ذكر حكم السرقة لأن فيها قطع الأيدي بالقرآن ، والأرجل بالسنة على ما يأتي ذكره ، وهو أيضا حرابة من حيث المعنى ، لأنّ فيه سعيا بالفساد إلا أن تلك تكون على سبيل الشوكة والظهور.
والسرقة على سبيل الاختفاء والتستر ، والظاهر وجوب القطع بمسمى السرقة ، وهو ظاهر النص. يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الجمل فتقطع يده اليمنى ، شرق شيئا ما قليلا أو كثيرا قطعت يده ، وإلى هذا ذهب جماعة من الصحابة ومن التابعين منهم : الحسن ، وهو مذهب الخوارج وداود. وقال داود ومن وافقه : لا يقطع في سرقة حبة واحدة
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٣٧.