لو وجبت الدّية لعطفها على الصيام ، وإلى هذا ذهب : الشعبي ، ومسروق ، وذهب الجمهور : إلى وجوب الدّية. قال ابن عطية : وما قاله الشعبي ومسروق وهم ، لأنّ الدّية إنما هي على العاقلة وليست على القاتل انتهى. وليس بوهم ، بل هو ظاهر الآية كما ذكرناه.
ومعنى التتابع : لا يتخللها فطر. فإن عرض حيض في أثنائه لم يعد قاطعا بإجماع. وليس له أن يسافر فيفطر ، والمرض كالحيض عند : ابن المسيب ، وسليمان بن يسار ، والحسن ، والشعبي ، وعطاء ، ومجاهد ، وقتادة ، وطاووس ، ومالك. وقال ابن جبير ، والنخعي ، والحكم بن عتيبة ، وعطاء الخراساني ، والحسن بن حي ، وأبو حنيفة وأصحابه : يستأنف إذا أفطر لمرض. وللشافعي القولان. وقال ابن شبرمة : يقضي ذلك اليوم وحده إن كان عذر غالب كصوم رمضان.
(تَوْبَةً مِنَ اللهِ) انتصب على المصدر أي : رجوعا منه إلى التسهيل والتخفيف ، حيث نقلكم من الرقبة إلى الصوم. أو توبة من الله أي قبولا منه ورحمة من تاب الله عليه إذا قبل توبته. ودعا تعالى قاتل الخطأ إلى التوبة ، لأنه لم يتحرز ، وكان من حقه أن يتحفظ.
(وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) أي عليما بمن قتل خطأ ، حكيما حيث رتب ما رتب على هذه الجناية على ما اقتضته حكمته تعالى.
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) نزلت في مقيس بن صبابة حين قتل أخاه هشام بن صبابة رجل من الأنصار ، فأخذ له رسول الله صلىاللهعليهوسلم الدّية ، ثم بعثه مع رجل من فهر بعد ذلك في أمر ما ، فقتله مقيس ، ورجع إلى مكة مرتدا وجعل ينشد :
قتلت به فهرا وحملت عقله |
|
سراه بني النجار أرباب فارع |
حللت به وتري وأدركت ثورتي |
|
وكنت إلى الأوثان أوّل راجع |
فقال صلىاللهعليهوسلم : «لا أؤمنه في حل ولا حرم ، وأمر بقتله يوم فتح مكة وهو متعلق بالكعبة» وهذا السبب يخص عموم قوله : ومن يقتل ، فيكون خاصا بالكافر ، أو يكون على ما قال ابن عباس ، قال : معنى متعمدا أي : مستحلا ، فهذا. يؤول أيضا إلى الكفر. وأما إذا كانت عامة فيكون ذلك على تقدير شرط كسائر التوعدات على سائر المعاصي ، والمعنى : فجزاؤه إن جازاه ، أي : هو ذلك ومستحقه لعطم ذنبه ، هذا مذهب أهل السنة. ويكون الخلود عبارة