إن كنت عن أحسن المروءة مأ |
|
فوكا ففي آخرين قد أفكوا |
وقال أبو زيد : المأفوك المأفون ، وهو الضعيف العقل. وقال أبو عبيدة : رجل مأفوك لا يصيب خيرا ، وائتفكت البلدة بأهلها انقلبت ، والمؤتفكات مدائن قوم لوط عليهالسلام قلبها الله تعالى. والمؤتفكات أيضا الرياح التي تختلف مهابّها.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) قال الزهري وغيره : سبب نزولها ولها قصة عبد الله بن أبيّ واستمساكه بحلف يهود ، وتبرؤ عبادة بن الصامت من حلفهم عند انقضاء بدر وعبادة ، في قصة فيها طول هذا ملخصها. وقال عكرمة : سببها أمر أبي لبابة بن عبد المنذر وإشارته إلى قريظة أنه الذبح حين استفهموه عن رأيه في نزولهم عن حكم سعد بن معاذ. وقال السدّي : لما نزل بالمسلمين أمر أحد فزع منهم قوم ، وقال بعضهم لبعض : نأخذ من اليهود عهدا يعاضدونا إن ألمت بنا قاصمة من قريش أو سائر العرب. وقال آخرون : بل نلحق بالنصارى فنزلت. وقيل : هي عامّة في المنافقين أظهروا الإيمان وظاهروا اليهود والنصارى.
نهى تعالى المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى ينصرونهم ويستنصرون بهم ، ويعاشرونهم معاشرة المؤمنين. وقراءة أبيّ وابن عباس : أربابا مكان أولياء ، بعضهم أولياء بعض جملة معطوفة من النهي مشعرة بعلة الولاية وهو اجتماعهم في الكفر والممالأة على المؤمنين ، والظاهر أن الضمير في بعضهم يعود على اليهود والنصارى. وقيل : المعنى على أن ثمّ محذوفا والتقدير : بعض اليهود أولياء بعض ، وبعض النصارى أولياء بعض ، لأن اليهود ليسوا أولياء النصارى ، ولا النصارى أولياء اليهود ، ويمكن أن يقال : جمعهم في الضمير على سبيل الإجمال ، ودل ما بينهم من المعاداة على التفصيل ، وأنّ بعض اليهود لا يتولى إلا جنسه ، وبعض النصارى كذلك. قال الحوفي : هي جملة من مبتدأ وخبر في موضع النعت لأولياء ، والظاهر أنها جملة مستأنفة لا موضع لها من الإعراب.
(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) قال ابن عباس : فإنه منهم في حكم الكفر ، أي ومن يتولهم في الدين. وقال غيره : ومن يتولهم في الدنيا فإنه منهم في الآخرة. وقيل : ومن يتولهم منكم في العهد فإنه منهم في مخالفة الأمر. وهذا تشديد عظيم في الانتفاء من أهل الكفر ، وترك موالاتهم ، وإنحاء عبد الله بن أبي ومن اتصف بصفته. ولا يدخل في الموالاة لليهود والنصارى من غير مصافاة ، ومن تولاهم بأفعاله دون معتقده ولا إخلال بإيمان فهو