وقيل ذلك من إضافة المصدر إلى المفعول ويدل على هذا التقدير قراءة السلمي (فَجَزاءٌ) بالرفع والتنوين (مِثْلُ ما قَتَلَ) بالنصب. وقرأ محمد بن مقاتل (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ) بنصب جزاء ومثل والتقدير فليخرج جزاء مثل ما قتل ومثل صفة لجزاء.
وقرأ الحسن (مِنَ النَّعَمِ) سكن العين تخفيفا كما قالوا الشعر ، وقال ابن عطية هي لغة و (مِنَ النَّعَمِ) صفة لجزاء سواء رفع (فَجَزاءٌ) و (مِثْلُ) أو أضيف فجزاء إلى مثل أي كائن من النعم ويجوز في وجه الإضافة أن يتعلق من النعم بجزاء إلا في وجه الأول لأن جزاء مصدر موصوف فلا يعمل. ووهم أبو البقاء في تجويزه أن يكون من النعم حالا حل الضمير في قتل يعني من الضمير المنصوب المحذوف في قتل العائد ، على ما قال لأن المقتول يكون من النعم وليس المعنى على ذلك ، لأن الذي هو من النعم هو ما يكون جزاء لا الذي يقتله المحرم ، ولأن النعم لا تدخل في اسم الصيد والظاهر في المثلية أنها مثلية في الصورة والخلقة والصغر والعظم وهو قول الجمهور. وروي ذلك عن عمرو بن عوف وابن عباس والضحاك والسدّي وابن جبير وقتادة وبه قال مالك والشافعي ومحمد بن الحسن ، وتفاصيل ما يقابل كل مقتول من الصيد قد طول بها جماعة من المفسرين ولم يتعرض لفظ القرآن لها وهي مذكورة في كتب الفقه.
وذهب جماعة من التابعين إلى أن المماثلة هي في القيمة يقوم الصيد المقتول ثم يشتري بقيمته طعاما من الأنعام ثم يهدى وهو قول النخعي وعطاء وأحد قولي مجاهد. وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف يشتري بالقيمة هديا إن شاء وإن شاء اشترى طعاما فأعطى كل مسكين نصف صاع وإن شاء صام عن كل نصف صاع يوما. وقال قوم المثلية فيما وجد له مثل صورة وما لم يوجد له مثل فالمثلية في القيمة وقد تعصب أبو بكر الرازي والزمخشري لمذهب أبي حنيفة. ولفظ الآية ينبو عن مذهبه إذ ظاهر الآية يقتضي التخيير بين أن يجزئ هديا من النعم مثل ما قتل وأن يكفر بطعام مساكين وأن يصوم عدل الصيام. والظاهر أن الجزاء لا يكون إلا في القتل لا في أخذ الصيد ولا في جنسه ولا في أكله وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة إذ قال عليه جزاء ما أكل يعني قيمته وخالفه صاحباه فقالا لا شيء عليه سوى الاستغفار لأنه تناول منه ، ولا في الدلالة عليه خلافا لأبي حنيفة وأشهب إذ قالا يضمن الدال الجزاء ، وروي ذلك عن ابن عمر وابن عوف ، وقال الشافعي ومالك وأبو ثور لا يضمن الدال والجزاء على القاتل ولا في جرحه ونقص قيمته بذلك ، وقال المزني عليه شيء ، وقال بعض أهل العلم إذا نقص من قيمته مثلا العشر فعليه عشر قيمته ، وقال داود لا شيء عليه ، والظاهر أنه لو اجتمع محرمون في صيد لم يجب عليهم إلا جزاء