باستحق أي من الذين استحق عليهم ابتدأت الأوليين منهم للشهادة لاطلاعهم على حقيقة الحال انتهى. وقد سبقه أبو عليّ إلى أن تخريج رفع (الْأَوْلَيانِ) على تقديرهما الأوليان ، وعلى البدل من ضمير (يَقُومانِ) وزاد أبو عليّ وجهين آخرين ، أحدهما أن يكون (الْأَوْلَيانِ) مبتدأ ومؤخرا ، والخبر آخران يقومان مقامهما. كأنه في التقدير فالأوليان بأمر الميت آخران يقومان فيجيء الكلام كقولهم تميمي أنا. والوجه الآخر أن يكون (الْأَوْلَيانِ) مسندا إليه (اسْتَحَقَ). قال أبو عليّ فيه شيء آخر وهو أن يكون (الْأَوْلَيانِ) صفة لآخران لأنه لما وصف خصص فوصف من أجل الاختصاص الذي صار له انتهى. وهذا الوجه ضعيف لاستلزامه هدم ما كادوا أن يجمعوا عليه من أن النكرة لا توصف بالمعرفة ولا العكس وعلى ما جوّزه أبو الحسن يكون إعراب قوله : (فَآخَرانِ) مبتدأ والخبر (يَقُومانِ) ويكون قد وصف بقوله من (الَّذِينَ) أو يكون قد وصف بقوله (يَقُومانِ) والخبر (مِنَ الَّذِينَ) ولا يضر الفصل بين الصفة والموصوف بالخبر أو يكونان صفتين لقوله : (فَآخَرانِ) ويرتفع آخران على خبر مبتدإ محذوف أي فالشاهدان آخران ويجوز عند بعضهم أن يرتفع على الفاعل ، أي فليشهد آخران وأما مفعول (اسْتَحَقَ) فتقدم تقدير الزمخشري أنه استحق عليهم الإثم ، ويعني أنه ضمير عائد على الإثم لأن الإثم محذوف ، لأنه لا يجوز حذف المفعول الذي لم يسم فاعله وقد سبقه أبو عليّ والحوفي إلى هذا التقدير وأجازوا وجهين آخرين.
أحدهما : أن كون التقدير استحق عليهم الإيصاء.
والثاني : أن يكون من الذين استحق عليهم الوصية.
وأما ما ذكره الزمخشري من ارتفاع قوله (الْأَوْلَيانِ) باستحق فقد أجازه أبو علي كما تقدم ثم منعه قال لأن المستحق إنما يكون الوصية أو شيئا منها. وأما (الْأَوْلَيانِ) بالميت فلا يجوز أن يستحقا فيسند (اسْتَحَقَ) إليهما إلا أن الزمخشري إنما رفع قوله (الْأَوْلَيانِ) باستحق على تقدير حذف مضاف ناب عنه (الْأَوْلَيانِ) ، فقدره استحق عليهم انتداب الأولين منهم للشهادة لاطلاعهم على حقيقة الحال فيسوغ توجيهه.
وأجاز ابن عطية أيضا أن يرتفع (الْأَوْلَيانِ) باستحق وطول في تقرير ذلك وملخصه أنه حمل استحق هنا على الاستعارة بأنه ليس استحقاقا حقيقة لقوله (اسْتَحَقَّا إِثْماً) وإنما معناه أنهم غلبوا على المال بحكم انفراد هذا الميت وعدمه لقرابته أو لأهل دينه فجعل تسورهم عليه استحقاقا مجازا والمعنى من الجماعة التي غابت وكان حقها أن تحضر وليها ، قال فلما غابت وانفرد هذا الموصي استحقت هذه الحال وهذان الشاهدان من غير أهل الدين الولاية وأمر