تريده ، الحكيم فيما تفعله تضل من تشاء وتهدي من تشاء ، وقرأت جماعة فإنك أنت الغفور الرحيم على ما يقتضيه قوله (وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ) قال عياض بن موسى : وليست من المصحف. وقال أبو بكر بن الأنباري : وقد طعن على القرآن. من قال : إن قوله : (فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) لا يناسب قوله (وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ) لأن المناسب فإنك أنت الغفور الرحيم. والجواب : أنه لا يحتمل إلا ما أنزله الله تعالى ومتى نقل إلى ما قال هذا الطاعن ضعف معناه ، فإنه ينفرد الغفور الرحيم بالشرط الثاني ولا يكون له بالشرط الأول تعلق وهو ما أنزله الله تعالى وأجمع على قراءته المسلمون معذوق بالشرطين كلاهما أولهما وآخرهما ، إذ تلخيصه إن تعذبهم فأنت عزيز حكيم وإن تغفر لهم فأنت العزيز الحكيم في الأمرين كلاهما من التعذيب والغفران ، فكان العزيز الحكيم أليق بهذا المكان لعمومه ، وأنه يجمع الشرطين ولم يصلح الغفور الرحيم أن يحتمل ما احتمله العزيز الحكيم ؛ انتهى. وأما قول من ذهب إلى أن في الكلام تقديما وتأخيرا تقديره إن تعذبهم فإنك أنت العزيز وإن تغفر لهم فإنهم عبادك ، فليس بشيء وهو قول من اجترأ على كتاب الله بغير علم. روى النسائي عن أبي ذر قال : قام النّبي صلىاللهعليهوسلم حتى أصبح بهذه الآية (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) قرأ الجمهور هذا يوم بالرفع على أن هذا مبتدأ ويوم خبره والجملة محكية بقال وهي في موضع المفعول به ، لقال : أي هذا الوقت وقت نفع الصادقين وفيه إشارة إلى صدق عيسى عليهالسلام. وقرأ نافع (هذا يَوْمُ) بفتح الميم وخرّجه الكوفيون على أنه مبني خبر لهذا وبني لإضافته إلى الجملة الفعلية ، وهم لا يشترطون كون الفعل مبنيا في بناء الظرف المضاف إلى الجملة ، فعلى قولهم تتحد القراءتان في المعنى. وقال البصريون : شرط هذا البناء إذا أضيف الظرف إلى الجملة الفعلية أن يكون مصدرا بفعل مبني ، لأنه لا يسري إليه البناء إلّا من المبني الذي أضيف إليه ، والمسألة مقررة في علم النحو فعلى قول البصريين : هو معرب لا مبني وخرج نصبه على وجهين ذكرهما الزمخشري وغيره أحدهما : أن يكون ظرفا لقال وهذا إشارة إلى المصدر فيكون منصوبا على المصدرية ، أي : قال الله هذا القول أو إشارة إلى الخبر أو القصص ، كقولك : قال زيد شعرا أو قال زيد : خطبة فيكون إشارة إلى مضمون الجملة ، واختلف في نصبه أهو على المصدرية أو ينتصب مفعولا به؟ فعلى هذا الخلاف ينتصب إذا كان إشارة إلى الخبر أو القصص نصب المصدر أو نصب المفعول به. قال ابن عطية :