الدنيا ويوم نحشرهم قاله الطبري.
وقرأ الجمهور (نَحْشُرُهُمْ ثُمَّ نَقُولُ) بالنون فيهما. وقرأ حميد ويعقوب فيهما بالياء. وقرأ أبو هريرة (نَحْشُرُهُمْ) عائد على الذين افتروا على الله الكذب ، أو كذبوا بآياته وجاء (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا) بمعنى ثم نقول لهم ولكنه نبه على الوصف المترتب عليه توبيخهم ويحتمل أن يعود على الناس كلهم وهم مندرجون في هذا العموم ثم تفرد بالتوبيخ المشركون. وقيل : الضمير عائد على المشركين وأصنامهم ألا ترى إلى قولهم (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ) (١) (مِنْ دُونِ اللهِ) وعطف ب (ثُمَ) للتراخي الحاصل بين مقامات يوم القيامة في المواقف ، فإن فيه مواقف بين كل موقف وموقف تراخ على حسب طول ذلك اليوم ، و (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) سؤال توبيخ وتقريع وظاهر مدلول (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) غيبة الشركاء عنهم أي تلك الأصنام قد اضمحلت فلا وجود لها. وقال الزمخشري : ويجوز أن يشاهدوهم إلا أنهم حين لا ينفعونهم ولا يكون منهم ما رجوا من الشفاعة فكأنهم غيب عنهم وأن يحال بينهم وبينهم في وقت التوبيخ ليفقدوهم في الساعة التي علقوا بهم الرجاء فيها فيروا مكان خزيهم وحسرتهم ، انتهى. والمعنى أين آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله؟ وأضيف الشركاء إليهم لأنه لا شركة في الحقيقة بين الأصنام وبين شيء ، وإنما أوقع عليها اسم الشريك بمجرد تسمية الكفرة فأضيفت إليهم بهذه النسبة والزعم القول الأميل إلى الباطل والكذب في أكثر الكلام ، ولذلك قال ابن عباس : كل زعم في القرآن فهو بمعنى الكذب وإنما خص القرآن لأنه ينطلق على مجرد الذكر والقول ومنه قول الشاعر :
تقول هلكنا وإن هلكت وإنما |
|
على الله أرزاق العباد كما زعم |
وقال ابن عطية : وعلى هذا الحد يقول سيبويه : زعم الخليل ولكن ذلك يستعمل في الشيء الغريب الذي تبقى عهدته على قائله ؛ انتهى. وحذف مفعولا (يَزْعُمُونَ) اختصارا إذ دل ما قبله على حذفهما والتقدير تزعمونهم شركاء ، ويحسن أن يكون التقدير كما قال بعضهم : (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أنها تشفع لكم عند الله عزوجل.
(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) تقدم مدلول الفتنة وشرحت هنا بحب الشيء والإعجاب به كما تقول : فتنت بزيد فعلى هذا يكون المعنى ، ثم
__________________
(١) سورة الصافات : ٣٧ / ٢٢.