إلى أنه قصر من أربع إلى اثنين. وقال قوم : من ركعتين في السفر إلى ركعة ، والركعتان في السفر تمام.
(إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ظاهره أنّ إباحة القصر مشروطة بالخوف المذكور ، وإلى ذلك ذهب جماعة. ومن ذهب إلى أنّ القصر هو من ركعتي السفر إلى ركعة ، شرط الخوف ، وقال : تصلي كل طائفة ركعة لا تزيد عليها ، ويكون للإمام ركعتان. وقالت طائفة : لا يراد بالقصر الصلاة هنا القصر من ركعتيها ، وإنما المراد القصر من هيآتها بترك الركوع والسجود في الإيماء ، وترك القيام إلى الركوع ، وروي فعل ذلك عن ابن عباس وطاووس. وذهب آخرون إلى أنّ الآية مبيحة القصر من حدود الصلاة وهيآتها عند المسايفة واشتعال الحرب ، فأبيح لمن هذه حاله أن يصلي إيماء برأسه ، ويصلي ركعة واحدة حيث توجه إلى ركعتين ، ورجح هذا القول الطبري بقوله : (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (١) أي بحدودها وهيآتها الكاملة. والحديث الصحيح يدلّ على أنّ هذا الشرط لا مفهوم له ، فلا فرق بين الخوف والأمن ، وحديث يعلى في ذلك مشهور صحيح.
والفتنة هنا هي التعرض بما يكره من قتال وغيره. ولغة الحجاز : فتن ، ولغة تميم وربيعة وقيس : أفتن رباعيا. وقال أبو زيد : قصر من صلاته قصر ، أنقص من عددها. وقال الأزهري : قصر وأقصر. وقرأ ابن عباس : أن تقصروا رباعيا ، وبه قرأ الضبي عن رجاله. وقرأ الزهري : تقصروا مشدّدا ، ومن للتبعيض. وقيل : زائدة. وقيل : الشرط ليس متعلقا بقصر الصلاة ، بل تم الكلام عند قوله : أن تقصروا من الصلاة ، ثم ابتدأ حكم الخوف. ويؤيده على قول : أنّ تجارا قالوا : إنا نضرب في الأرض ، فكيف نصلي؟ فنزلت : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ، ثم انقطع الكلام. فلما كان بعد ذلك بسنة في غزاة بني أسد حين صليت الظهر قال بعض العدو : هلا شددتم عليهم وقد مكنوكم من ظهورهم؟ فقالوا : إنّ لهم بعدها صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأولادهم ، فنزلت : (إِنْ خِفْتُمْ) ـ إلى قوله ـ (عَذاباً مُهِيناً) صلاة الخوف. ورجح هذا بأنه إذا علق الشرط بما قبله كان جواز القصر مع الأمن مستفادا من السنة ، ويلزم منه نسخ الكتاب بالسنة. وعلى تقدير الاستئناف لا يلزم ، ومتى استقام اللفظ وتم المعنى من غير محذور النسخ كان أولى انتهى.
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ١٠٣.