بالقرآن من يرجى إيمانه. وروى أبو صالح عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في الموالي منهم بلال وصهيب وخباب وعمار ومهجع وسلمان وعامر بن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة ، وظاهر قوله : (الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ) عموم من خاف الحشر وآمن بالبعث من مسلم ويهودي ونصراني فلا يتخصص بالمسلمين المقرين بالبعث إلا أنهم مفرطون في العمل فينذرهم بما أوحي إليه لعلهم يتقون ، أي يدخلون في زمرة أهل التقوى ولا بأهل الكتاب ولا بناس من المشركين علم من حالهم أنهم يخافون إذا سمعوا بحديث البعث أن يكون حقا فيهلكوا ، فهم ممن يرجى أن ينجع فيهم الإنذار دون المتمردين منهم و (يَخافُونَ) باق على حقيقته أي يخافون ما يترتب على الحشر من مؤاخذتهم بذنوبهم ، وأما الحشر فمتحقق. وقال الطبري : (يَخافُونَ) هنا يعلمون ومعنى (إِلى رَبِّهِمْ) أي إلى جزاء ربهم أي موعوده وقد تعلق بهذه الآية المجسمة بأن الله في حيز ومكان مختص وجهة معينة لأن كلمة إلى لانتهاء الغاية.
(لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ) ، قال الزمخشري : في موضع الحال من (يُحْشَرُوا) بمعنى (يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا) غير منصورين ولا مشفوعا لهم ولا بد من هذه الحال ، لأن كلّا محشور فالخوف إنما هو الحشر على هذه الحال. وقال ابن عطية : إن جعلناه داخلا في الخوف كان في موضع الحال أي (يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا) في حال من لا ولي له ولا شفيع فهي مختصة بالمؤمنين المسلمين لأن اليهود والنصارى يزعمون أن لهم شفعاء وأنهم أبناء الله ونحو هذا من الأباطيل وإن جعلناه إخبارا من الله عن صفة الحال يومئذ فهي عامة للمسلمين وأهل الكتاب.
(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ترجئة لحصول تقواهم إذا حصل الإنذار.
(وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) قال سعد بن أبي وقاص : نزلت فينا ستة فيّ وفي ابن مسعود وصهيب وعمار والمقداد وبلال قالت قريش : إنا لا نرضى أن نكون لهؤلاء تبعا فاطردهم عنك فنزلت. وقال خباب بن الأرت : فينا نزلت كنا ضعفاء عند النبي صلىاللهعليهوسلم يعلمنا بالغداة والعشي ما ينفعنا ، فقال الأقرع بن حابس وعيينة بن حصين : إنا من أشراف قومنا وإنا نكره أن يرونا معهم فاطردهم إذا جالسناك فنزلت ، فأتيناه وهو يقول : سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته وهذا فيه بعد ، لأن الآية مكية وهؤلاء الأشراف لم ينذروا إلا بالمدينة.