إخبار ويحتمل أن تكون حالا وشراب فعال بمعنى مفعول كطعام بمعنى مطعوم ولا ينقاس فعال بمعنى مفعول ، لا يقال : ضراب ولا قتال بمعنى مضروب ولا مقتول.
(قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) أي من دون الله النافع الضار المبدع للأشياء القادر ما لا يقدر على أن ينفع ولا يضر إذ هي أصنام خشب وحجارة وغير ذلك (وَنُرَدُّ) إلى الشرك (عَلى أَعْقابِنا) أي رد القهقري إلى وراء وهي المشية الدنية بعد هداية الله إيانا إلى طريق الحق وإلى المشية السجح الرفيعة (وَنُرَدُّ) معطوف على (أَنَدْعُوا) أي أيكون هذا وهذا استفهام بمعنى الإنكار أي لا يقع شيء من هذا وجوز أبو البقاء أن تكون الواو فيه للحال أي ونحن نرد أي أيكون هذا الأمر في هذه الحال وهذا فيه ضعف لإضمار المبتدأ ولأنها تكون حالا مؤكدة ، واستعمل المثل بها فيمن رجع من خير إلى شر. قال الطبري وغيره : الردّ على العقب يستعمل فيمن أمّل أمرا فخاب.
(كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا) قال الزمخشري : (كَالَّذِي) ذهب به مردة الجن والغيلان في الأرض في المهمة حيران تائها ضالا عن الجادة لا يدري كيف يصنع له أي لهذا المستهوي أصحاب رفقة يدعونه إلى الهدى أي إلى أن يهدوه الطريق المستوي ، أو سمي الطريق المستقيم بالهدى يقولون له : (ائْتِنا) وقد اعتسف المهمة تابعا للجن لا يجيبهم ولا يأتيهم وهذا مبني على ما تزعمه العرب وتعتقده من أن الجنّ تستهوي الإنسان والغيلان تستولي عليه كقوله : (الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ) (١) فشبه به الضال عن طريق الإسلام التابع لخطوات الشيطان والمسلمون يدعونه إليه فلا يلتفت إليهم ؛ انتهى. وأصل كلامه مأخوذ من قول ابن عباس ولكنه طوله وجوده. قال ابن عباس : مثل عابد الصنم مثل من دعاه الغول فيتبعه فيصبح وقد ألقته في مهمة ومهلكة فهو حائر في تلك المهامة وحمل الزمخشري (اسْتَهْوَتْهُ) على أنه من الهوى الذي هو المودة والميل كأنه قيل كالذي أمالته الشياطين عن الطريق الواضح إلى المهمة القفر وحمله غيره كأبي علي على أنه من الهوي أي ألقته في هوة ، ويكون استفعل بمعنى افعل نحو استزل وأزل تقول العرب : هوى الرجل وأهواه غيره واستهواه طلب منه أن يهوى هوى ويهوى شيئا والهوي السقوط من علو إلى سفل. قال الشاعر :
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٧٥.