وقال الزمخشري : هو اسم صنم ومعناه أتعبد أزرا على الإنكار ثم قال : (أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً) تبيينا لذلك وتقريرا وهو داخل في حكم الإنكار لأنه كالبيان له ، وقرأ ابن عباس أيضا وأبو إسماعيل الشامي أإزرا بكسر الهمزة بعد همزة الاستفهام تتخذ ، قال ابن عطية : ومعناها إنها مبدلة من واو كوسادة وإسادة كأنه قال : أوزرا أو مأثما تتخذ أصناما ونصبه على هذا بفعل مضمر ، وقال الزمخشري : هو اسم صنم ووجهه على ما وجه عليه أأزرا بفتح الهمزة ، وقرأ الأعمش إزرا تتخذ بكسر الهمزة وسكون الزاي ونصب الراء وتنوينها وبغير همزة استفهام في تتخذ والهمزة في (أَتَتَّخِذُ) للإنكار وفيه دليل على الإنكار على من أمر الإنسان بإكرامه إذا لم يكن على طريقة مستقيمة وعلى البداءة بمن يقرب من الإنسان كما قال : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (١) وفي ذكره أصناما آلهة بالجمع تقبيح عظيم لفعلهم واتخاذهم جمعا آلهة وذكروا أن ابراهيم كان نجارا منجما مهندسا وكان نمرود يتعلق بالهندسة والنجوم فحظى عنده بذلك وكان من قرية تسمى كوثا من سواد الكوفة ، قاله مجاهد قيل وبها ولد ابراهيم ، وقيل : كان آزر من أهل حرّان وهو تارخ بن ناجور بن ساروع بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح ، وأراك يحتمل أن تكون بصرية وأن تكون علمية ، والظاهر أن تتخذ يتعدّى إلى مفعولين وجوزوا أن يكون بمعنى أتعمل وتصنع لأنه كان ينحتها ويعملها ولما أنكر على أبيه أخبر أنه وقومه في ضلال وجعلهم مظروفين للضلال أبلغ من وصفهم بالضلال كأن الضلال صار ظرفا لهم ومبين واضح ظاهر من أبان اللازمة ، قال ابن عطية : ليس بالفعل المتعدّي المنقول من بان يبين انتهى ، ولا يمتنع ذلك يوضح كفركم بموجدكم من حيث اتخذتم دونه آلهة وهذا الإنكار من ابراهيم على أبيه والإخبار أنه وقومه في ضلال مبين أدل دليل على هداية ابراهيم وعصمته من سبق ما يوهم ظاهر قوله : هذا ربي من نسبة ذلك إليه على أنه أخبر عن نفسه وإنما ذلك على سبيل التنزل مع الخصم وتقرير ما يبنى عليه من استحالة أن يكون متصفا بصفات الحدوث من الجسمانية وقبوله التغيرات من البزوغ والأفول ونحوها.
(وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) هذه جملة اعتراض بين قوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) منكرا على أبيه عبادة الأصنام وبين جملة الاستدلال عليهم بإفراد المعبود ، وكونه لا يشبه المخلوقين وهي قوله : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ) و (نُرِي) بمعنى أريناه
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ٢١٤.