عليكم. انتهى ، وهو بسط قول الحسن ، وقال ابن عطية : كان قبل ظهور الإسلام ثم بعد ذلك كان حفيظا على العالم آخذا لهم بالإسلام والسيف.
(وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) أي ومثل ما بينا تلك الآيات التي هي بصائر وصرفناها نصرف الآيات ونرددها على وجوه كثيرة.
(وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ) يعني أهل مكة حين يقرأ عليهم القرآن ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو دارست أي دارست يا محمد غيرك في هذه الأشياء أي قارأته وناظرته إشارة منهم إلى سلمان وغيره من الأعاجم واليهود ، وقرأ ابن عامر وجماعة من غير السبعة (دَرَسْتَ) مبنيا للفاعل مضمرا فيه أي درست الآيات أي ترددت على أسماعهم حتى بليت وقدمت في نفوسهم وأمحيت ، وقرأ باقي السبعة (دَرَسْتَ) يا محمد في الكتب القديمة ما تجيئنا به كما قالوا : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها) (١) ، وقال الضحاك : (دَرَسْتَ) قرأت وتعلمت من أبي فكيهة وجبر ويسار ، وقرئ (دَرَسْتَ) بالتشديد والخطاب أي درست الكتب القديمة ، وقرئ (دَرَسْتَ) مشددا مبنيا للمفعول المخاطب ، وقرئ دورست بالتخفيف والواو مبنيا للمفعول والواو مبدلة من الألف في دارست ، وقرأت فرقة دارست أي دارستك الجماعة الذين تتعلم منهم وجاز الإضمار ، لأن الشهرة بالدراسة كانت لليهود عندهم ، ويجوز أن يكون الفعل للآيات وهو لأهلها أي دارس أهل الآيات ، وقرأت فرقة (دَرَسْتَ) بضم الرّاء مسندا إلى غائب مبالغة في درست أي اشتد دروسها وبلاها ، وقرأ قتادة والحسن وزيد بن عليّ (دَرَسْتَ) مبنيا للمفعول وفيه ضمير الآيات غائبا وهي قراءة ابن عباس بخلاف عنه ، قال أبو الفتح : ويحتمل أن يراد عفيت أو تليت وكذا قال الزمخشري : قال بمعنى قرئت أو عفيت أما بمعنى قرئت فظاهر لأن درس بمعنى كرّر القراء متعد وأما درس بمعنى بلي وامحى فلا أحفظه متعديا ، وما وجدناه في أشعار من وقفنا على شعره من العرب إلا لازما ، وقرأ أبيّ درس أي محمد أو الكتاب وهي مصحف عبد الله ، وروي عن الحسن درسن مبنيا للفاعل مسندا إلى النون أي درس الآيات وكذا هي في بعض مصاحف عبد الله ، وقرأت فرقة درسن بتشديد الراء مبالغة في درسن ، وقرئ دارسات أي هي قديمات أو ذات درس كعيشة راضية فهذه ثلاث عشر قراءة في هذه الكلمة.
وقرأت طائفة وليقولوا بسكون اللام على جهة الأمر المتضمن للتوبيخ والوعيد ، وقرأ الجمهور بكسرها وقالوا : هذه اللام هي التي تضمر أن بعدها والفعل منصوب بأن
__________________
(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ٥.