الآيات لأنها القرآن كأنه قال : وكذلك نصرف القرآن أو على القرآن ودل عليه الآيات أو درست أو على المصدر المفهوم من (وَلِنُبَيِّنَهُ) أي ولنبين التبيين كما تقول : ضربته زيدا إذا أردت ضربت الضرب زيدا أو على المصدر المفهوم من نصرف ، قال ابن عباس : (لِقَوْمٍ) يريد أولياء الذين هداهم إلى سبيل الرشاد.
(اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) أمره تعالى بأن يتبع ما أوحي إليه وبأن يعرض عن من أشرك والأمر بالإعراض عنهم كان قبل نسخه بالقتال والسوق إلى الدّين طوعا أو كرها ، والجملة بين الأمرين اعتراض أكّد به وجوب اتباع الموحى أو في موضع الحال المؤكدة.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا) أي إن إشراكهم ليس في الحقيقة بمشيئتهم وإنما هو بمشيئة الله تعالى ، وظاهر الآية يرد على المعتزلة ويتأوّلونها على مشيئة القسر والإلجاء.
(وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) أي رقيبا تحفظهم من الإشراك.
(وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أي بمسلط عليهم والجملتان متقاربتان في المعنى إلا أن الأولى فيها نفي جعل الحفظ منه تعالى له عليهم. والثانية فيها نفي الوكالة عليهم والمعنى إنّا لم نسلطك ولا أنت في ذاتك بمسلط فناسب أن تعرض عنهم إذ لست مأمورا منا بأن تكون حفيظا عليهم ولا أنت وكيل عليهم من تلقائك.
(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) قال ابن عباس : سببها أن كفار قريش قالوا لأبي طالب : إما أن ينتهي محمد وأصحابه عن سب آلهتنا والغض منها وإما أن نسب إلهه ونهجوه فنزلت ، وقيل : قالوا ذلك عند نزول قوله : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) (١) وقيل : كان المسلمون يسبون آلهتهم فنهوا لئلا يكون سبهم سببا لسب الله تعالى ، وحكم هذه الآية باق في هذه الأمة فإذا كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام أو الرسول أو الله فلا يحل لمسلم ذم دين الكافر ولا صنمه ولا صليبه ولا يتعرض إلى ما يؤدّي إلى ذلك ، ولما أمر تعالى باتباع ما أوحي إليه وبموادعة المشركين عدل عن خطابه إلى خطاب المؤمنين ، فنهوا عن سب أصنام المشركين ولم يواجه هو صلىاللهعليهوسلم بالخطاب وإن كان هو الذي سبت الأصنام على لسانه وأصحابه تابعون له في
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢١ / ٩٨.