ماله أي أنفقه. وقال محمد بن نعيم الترمذي : هو الإسراف في الإنفاق. الكيل : مصدر كال وكال معروف ، ثم يطلق على الآلة التي يكال بها كالمكيال. الميزان : مفعال من الوزن وهو آلة الوزن كالمنقاش والمضراب والمصباح ، وتختلف أشكاله باختلاف الأقاليم كالمكيال.
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما أخبر عنهم أنه حرموا أشياء مما رزقهم الله ، أخذ يذكر تعالى ما امتنّ به عليهم من الرزق الذي تصرّفوا فيه بغير إذنه تعالى افتراء منهم عليه واختلافا فذكر نوعي الرزق النباتي والحيواني فبدأ بالنباتي كما بدأ به في الآية المشبهة لهذا ، واستطرد منه إلى الحيواني إذ كانوا قد حرّموا أشياء من النوعين و (مَعْرُوشاتٍ) اسم مفعول يقال : عرّشت الكرم إذا جعلت له دعائم وسمكا ينعطف عليه القضبان. وهل المعروشات ما غرسه الناس وعرّشوه وغيرها ما نبت في الصحارى والبراري؟ وهو قول ابن عباس ، أو كل شجر ذي ساق كالنخل والكرم وكل ما نجم غير ذي ساق كالزرع أو ما يثمر وما لا يثمر أو الكرم قسمت إلى ما عرش فارتفع وإلى ما كان منها منبسطا على الأرض؟ قاله ابن عباس ، أو ما حوله حائط وما لا حائط حوله وما انبسط على وجه الأرض وانتشر كالكرم والقرع والبطيخ ، وما قام على ساق كالنخل والزرع والأشجار قاله ابن عباس ، أو الكرم الذي عرش عنبه وسائر الشجر الذي لا يعرش أو ما يرتفع بعض أغصانه على بعض وما لا يحتاج إلى ذلك ، أو ما عادته أن يعرش كالكرم وما يجري مجراه وما لا يعرش كالنخل وما أشبهه؟ تسعة أقوال : والظاهر أن المعروش ما جعل له عرش كرما كان أو غيره ، وغير المعروش ما لم يجعل له ذلك ، ولما كانت هذه الآية واردة في معنى ذكر المنة والإحسان قدم ما حاجة العرب إليه أشد وما هو أكثر فيه ، كما قال تعالى : (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) (١) وهو غالب قوتهم ، فقال : (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ).
ولما كانت تلك الآية جاءت عقب إنكار الكفار التوحيد وجعلهم معه آلهة ، استطرد من ذلك إلى المعاد الأخروي واستدل عليه بقوله : (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) فاندرج فيه (النَّخْلَ وَالزَّرْعَ) كان الابتداء في التقسيم بذكر الزرع لصغر حبه وهو أدل على التوحيد والقدرة التامّة وأبلغ في الاعتبار وأسرع في الانتفاع
__________________
(١) سورة إبراهيم : ١٤ / ٣٧.