العرب : أفرشه الله كذا أي جعله له أو ما قاله بعضهم : ما كان معدّا للحمل من الحيوانات ، والفرش : ما خلق لهم من أصوافها وجلودها التي يفترشونها ويجلسون عليها ، أو ما يحمل الأثقال. والفرش : ما يفرش للذبح أو ينسج من وبره وصوفه وشعره للفرش. أو ما قاله الضحاك : واختاره النحاس الإبل والبقر والفرش الغنم ورجح هذا بإبدال ثمانية أزواج منه عشرة أقوال ، وقدّم الحمولة على الفرش لأنها أعظم في الانتفاع إذ ينتفع بها في الحمل والأكل.
(كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) أي مما أحله الله لكم ولا تحرموا كفعل الجاهلية وهذا نص في الإجابة وإزالة لما سنه الكفار من البحيرة والسائبة.
(وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) أي في التحليل والتحريم من عند أنفسكم وتعلقت بها المعتزلة في أن الحرام ليس برزق وتقدّم تفسير (وَلا تَتَّبِعُوا) (١) إلى آخره في البقرة.
(ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) تقدّم تفسير المشركين فيما أحلوا وما حرموا ونسبتهم ذلك إلى الله ، فلما قام الإسلام وثبتت الأحكام جادلوا النبي صلىاللهعليهوسلم وكان خطيبهم مالك بن عوف بن أبي الأحوص الجشمي فقال : يا محمد بلغنا أنك تحل أشياء فقال له : «إنكم قد حرمتم أشياء على غير أصل ، وإنما خلق الله هذه الأزواج الثمانية للأكل والانتفاع بها فمن أين جاء هذا التحريم أمن قبل الذكر أم من قبل الأنثى»؟ فسكت مالك بن عوف وتحير ؛ فلو علل بالذكورة وجب أن يحرم الذكر أو بالأنوثة فكذلك أو باشتمال الرحم وجب أن يحرما لاشتمالها عليهما ، فأما تخصيص التحريم بالولد الخامس أو السابع أو ببعض دون بعض فمن أين؟ وروي أنه قال لمالك : «ما لك لا تتكلم». فقال له مالك : بل تكلم وأسمع منك. والزوج ما كان مع آخر من جنسه وهما زوجان قال : (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٢) فإن كان وحده فهو فرد ويعني باثنين ذكرا وأنثى أي كبشا ونعجة وتيسا وعنزا وهذا الاستفهام هو استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع ، حيث نسبوا ما حرموه إلى الله تعالى وكانوا مرة يحرمون الذكور ومرة الإناث ومرة أولادها ذكورا أو إناثا أو مختلطة ، فبين تعالى أن هذا التقسيم هو من قبل أنفسهم لا من قبله تعالى وانتصب (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) على البدل في قول الأكثرين من قوله : (حَمُولَةً وَفَرْشاً) وهو الظاهر. وأجازوا نصبه ب (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) وهو قول
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٦٨.
(٢) سورة النجم : ٥٣ / ٤٥.