الإسلام المبعوث به إلى الأسود والأحمر ، و (أَتْلُ) أسرد وأقص من التلاوة وهي اتباع بعض الحروف بعضا. وقال كعب الأحبار : هذه الآيات مفتتح التوراة بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) إلى آخر الآية. وقال ابن عباس : هذه الآيات هي المحكمات التي ذكرها الله في سورة آل عمران أجمعت عليها شرائع الخلق ولم تنسخ قط في ملة. وقد قيل : إنها العشر كلمات المنزلة على موسى عليهالسلام و (ما) بمعنى الذي وهي مفعولة بأتل أي اقرأ الذي حرمه ربكم عليكم. وقيل : مصدرية أي تحريم ربكم. وقيل : استفهامية منصوبة بحرّم أي أي شيء حرم ربكم ، ويكون قد علق (أَتْلُ) وهذا ضعيف لأن (أَتْلُ) ليس من أفعال القلوب فلا تعلق و (عَلَيْكُمْ) متعلق بجرم لا بأتل فهو من أعمال الثاني. وقال ابن الشجري : إن علقته باتل فهو جيد لأنه أسبق وهو اختيار الكوفيين فالتقدير اتل عليكم الذي حرّم ربكم.
(أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) الظاهر أن أن تفسيرية ولا ناهية لأن (أَتْلُ) فعل بمعنى القول وما بعد أن جملة فاجتمع في أن شرطا التفسيرية وهي أن يتقدمها معنى لقول وأن يكون بعدها جملة وذلك بخلاف أي فإنها حرف تفسير يكون قبلها مفرد وجملة يكون فيها معنى القول وغيرها ، وبعدها مفرد وجملة وجعلها تفسيرية هو اختيار الزمخشري (فإن قلت) : إذا جعلت أن مفسرة لفعل التلاوة وهو معلق بما (حَرَّمَ رَبُّكُمْ) وجب أن يكون ما بعده منهيا عنه محرما كله كالشرك وما بعده مما دخل عليه حرف النهي فما يصنع بالأوامر؟ (قلت) : لما وردت هذه الأوامر مع النواهي وتقدّمهن جميعا فعل التحريم واشتركن في الدخول تحت حكمه ، علم أن التحريم راجع إلى أضدادها وهي الإشارة إلى الوالدين وبخس الكيل والميزان وترك العدل في القول ونكث عهد الله ؛ انتهى. وكون هذه الأشياء اشتركت في الدخول تحت حكم التحريم وكون التحريم راجعا إلى أضداد الأوامر بعيد جدا وألغاز في المعاني ولا ضرورة تدعو إلى ذلك ، وأما عطف هذه الأوامر فيحتمل وجهين : أحدهما : أنها معطوفة على المناهي قبلها فيلزم انسحاب التحريم عليها حيث كانت في حيز أن التفسيرية بل هي معطوفة على قوله : (تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ) أمرهم أولا بأمر يترتب عليه ذكر مناه ثم أمرهم ثانيا بأوامر وهذا معنى واضح ، والثاني : أن تكون الأوامر معطوفة على المناهي وداخلة تحت أن التفسيرية ويصح ذلك على تقدير محذوف تكون أن مفسرة له وللمنطوق قبله الذي دل عليه حذفه والتقدير وما أمركم به فحذف وما أمركم به لدلالة ما حرّم عليه ، لأن معنى (ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) ما نهاكم