وقبض أبو مسلم على عبد الصّمد بن عليّ ، بالرّصافة ، وأخذ أمواله ، وسيّره إلى المنصور ، فأمّنه وأطلقه.
وورد كتاب المنصور على أبي مسلم بولاية الشّام جميعه ، وحلب ، وقنّسرين ، وأمره أن يقيم له في بلاده نوّابا ، ففعل أبو مسلم ذلك.
وسار إلى المنصور ، فالتقاه في الطريق يقطين بن موسى ، وقد بعثه المنصور إليه لاحصاء جميع ما وجدوا في عسكر عبد الله بن عليّ. فغضب أبو مسلم وقال : «أنكون أمناء في الدماء وخونة في الأموال؟» ثم أقبل وهو مجمع على خلاف المنصور (١). فاستوحش المنصور منه ، وقتله في سنة تسع وثلاثين ومائة.
ولما عاد أبو مسلم من الشّام ولى المنصور حلب وقنسرين وحمص صالح بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس سنة سبع وثلاثين ومائة ؛ فنزل حلب ، وابتنى بها خارج المدينة قصرا بقرية يقال لها بطياس (٢) بالقرب من النيرب ؛
__________________
(١) أخبار أبي مسلم الخراساني منتشرة في مختلف المصادر المبكرة مثل أنساب الأشراف للبلاذري ، وتاريخ الطبري ، وغرر السير للمرعشي ، ولأبي مسلم ترجمة متميزة في تاريخ دمشق لابن عساكر تحت اسم عبد الرحمن بن مسلم.
(٢) في بغية الطلب ج ١ ص ٥٢٨ ـ ٥٢٩ : وابتنى صالح بن علي بن عبد الله بن عباس «قصره المعروف ببطياس ، وكان على الرابية المشرفة على النيرب من جهة الغرب والشمال ، وكان عن يسار المتوجه من حلب إلى النيرب ، وموضع اصطبله عن يمين المتوجه ، والطريق بينهما ، ودثر القصر ، ولم يبق منه إلا الآثار ، ويجد الناس في موضعه شيئا من الفسيفساء وكسور الرخام» وما يزال موقع النيرب يحمل الاسم نفسه خارج حلب.