والتوحيد وإلا فلا ينفع عمل دون إيمان ، وقال الزمخشري (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) إن كنتم مصدقين لي في قولي (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ).
وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (٨٦) وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٧)
(وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً) الظاهر النهي عن القعود بكل طريق لهم عن ما كانوا يفعلونه من إيعاد الناس وصدّهم عن طريق الدّين ، قال ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدّي : كانوا يقعدون على الطرقات المفضية إلى شعيب فيتوعدون من أراد المجيء إليه ويصدونه ويقولون : إنه كذاب فلا تذهب إليه على نحو ما كانت تفعله قريش مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال السدّي : هذا نهي العشارين والمتقبلين ونحوه من أخذ أموال الناس بالباطل ، وقال أبو هريرة : هو نهي عن السّلب وقطع الطريق وكان ذلك من فعلهم وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «رأيت ليلة أسري بي خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته فقلت ما هذا يا جبريل فقال هذا مثل لقوم من أمّتك يقعدون على الطريق فيقطعونه ثم تلا (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ) وفي هذا القول والقول الذي قبله مناسبة لقوله (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) لكن لا تظهر مناسبة لهما بقوله (وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ) بل ذلك يناسب القول الأول قال القرطبي : قال علماؤنا ومثلهم اليوم هؤلاء المكاسون الذين يأخذون من الناس ما لا يلزمهم شرعا من الوظائف الماليّة بالقهر والجبر وضمنوا ما لا يجوز ضمان أصله من الزكاة والمواريث والملاهي والمترتّبون في الطرق إلى غير ذلك مما قد كثر في الوجود وعمل به في سائر البلاد وهو من أعظم الذنوب وأكبرها وأفحشها فإنه غضب وظلم وعسف على الناس وإذاعة للمنكر وعمل به ودوام عليه وإقرار له وأعظمه تضمين الشرع والحكم للقضاء فإنا لله وإنا إليه راجعون ، لم يبق من الإسلام إلا رسمه ولا من الدّين إلا اسمه انتهى كلامه. وقد قرن رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأموال والأعراض بالدماء في قوله في حجة الوداع : «ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حراما» وما أكثر ما تساهل الناس في أخذ الأموال وفي