السبت إلى السبت ثم يبقون عقيب رفعها شهرا في عافية ، وقيل ثمانية أيام ثم تأتي الآية الأخرى ، وقال وهب : كان بين كل آيتين أربعون يوما ، وقال نوف البكالي مكث موسى عليهالسلام في آل فرعون بعد إيمان السحرة عشرين سنة يريهم الآيات وحكمة التفصيل بالزمان أنه يمتحن فيه أحوالهم أيفون بما عاهدوا أم ينكثون فتقوم عليهم الحجة وانتصب (آياتٍ مُفَصَّلاتٍ) على الحال والذي دلّت عليه الآية أنه أرسل عليهم ما ذكر فيها وأما كيفية الإرسال ومكث ما أرسل عليهم من الأزمان والهيئات فمرجعه إلى النّقل عن الأخبار الإسرائيليات إذ لم يثبت من ذلك في الحديث النبوي شيء ومع إرسال جنس الآيات استكبروا عن الإيمان وعن قبول أمر الله تعالى ، (وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) إخبار منه تعالى عنهم باجترامهم على الله وعلى عباده.
(وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ) الظاهر أنّ (الرِّجْزُ) هنا هو ما كان أرسل عليهم من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فإن كان أريد الظاهر كان سؤالهم موسى بعد وقوع جميعها لا بعد وقوع نوع منها ويحتمل أن يكون المعنى (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ) نوع من (الرِّجْزُ) فيكون سؤالهم قد تخلّل بين نوع ونوع ومعنى (وَقَعَ عَلَيْهِمُ) نزل عليهم وثبت وقال قوم : (الرِّجْزُ) الطاعون نزل بهم مات منهم في ليلة سبعون ألف قبطي وفي قولهم (ادْعُ لَنا رَبَّكَ) وإضافة الرب إلى موسى عدم إقرار بأنه ربهم حيث لم يقولوا ادع لنا ربنا ومعنى (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) بما اختصك به فنبأك أو بما وصّاك أن تدعو به ليجيبك كما أجابك في الآيات أو بما استودعك من العلم والظاهر تعلق (بِما عَهِدَ) بأدع لنا ربك ومتعلق الدعاء محذوف تقديره (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) في كشف هذا الرّجز و (لَئِنْ كَشَفْتَ) جواب لقسم محذوف في موضع الحال من قالوا أي قالوا ذلك مقسمين (لَئِنْ كَشَفْتَ) أو لقسم محذوف معطوف أي وأقسموا لئن كشفت وجوز الزمخشري وابن عطية وغيرهما أن تكون الباء في (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) باء القسم أي قالوا (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) في كشف الرجز مقسمين (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ) أو وأقسموا (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ) والمعنى (لَئِنْ كَشَفْتَ) بدعائك وفي قولهم (لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ) دلالة على أنه طلب منهم الإيمان كما أنه طلب منهم إرسال بني إسرائيل وقدّموا الإيمان لأنه المقصود الأعظم الناشئ منه الطواعية وفي إسناد الكشف إلى موسى حيدة عن إسناده إلى الله تعالى لعدم إقرارهم بذلك.