النفس عندها شيئا من تلك الهزة وطرفا من تلك الروعة ، وقرىء أسكت رباعيّا مبنيّا للمفعول ، وكذا هو في مصحف حفصة والمنوي عند الله أو أخوه باعتذاره إليه أو تنصله أي أسكت الله أو هارون ، وفي مصحف عبد الله ولما صبر ، وفي مصحف أبي ولما انشق والمعنى ولما طفى غضبه أخذ ألواح التوراة التي كان ألقاها من يده ، روي عن ابن عباس أنه ألقاها فتكسرت فصام أربعين يوما فردّت إليه في لوحين ولم يفقد منها شيئا وفي نسختها أي فيما نسخ من الألواح المكسرة أو فيما نسخ فيها أو فيما بقي منها بعد المرفوع وهو سبعها والأظهر أنّ المعنى وفيما نقل وحوّل منها واللام في (لِرَبِّهِمْ) تقوية لوصول الفعل إلى مفعوله المتقدم ، وقال الكوفيّون : هي زائدة ، وقال الأخفش : هي لام المفعول له أي لأجل ربهم (يَرْهَبُونَ) لا رياء ولا سمعة ، وقال المبرد : هي متعلقة بمصدر المعنى الذين هم رهبتهم لربهم وهذا على طريقة البصريين لا يتمشّى لأنّ فيه حذف المصدر وإبقاء معموله وهو لا يجوز عندهم إلا في الشعر وأيضا فهذا التقدير يخرج الكلام عن الفصاحة.
(وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (١٥٥) وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ (١٥٦))
(وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا). (اخْتارَ) افتعل من الخير وهو التخير والانتقاء (وَاخْتارَ) من الأفعال التي تعدت إلى اثنين أحدهما بنفسه والآخر بوساطة حرف الجر وهي مقصورة على السماع وهي اختار واستغفر وأمر وكنّى ودعا وزوج وصدق ، ثم يحذف حرف الجر ويتعدّى إليه الفعل فيقول اخترت زيدا من الرجال واخترت زيدا الرجال. قال الشاعر :
اخترتك الناس إذ رثت خلائقهم |
|
واعتل من كان يرجى عنده السّول |
أي اخترتك من الناس و (سَبْعِينَ) هو المفعول الأوّل ، و (قَوْمَهُ) هو المفعول الثاني