والمصادمة وليس ذلك في استطاعتهم فقد طولبوا بسورة منه فعجزوا وكان أصعب شيء إليهم الغلبة وخصوصا في باب البيان فقد كانوا يتمالطون ويتعارضون ويحكم بينهم في ذلك وكانوا أحرص الناس على قهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فكيف يحيلون المعارضة على المشيئة ويتعللون بأنهم لو أرادوا لقالوا مثل هذا القول.
(إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ). تقدم شرحه في الأنعام.
(وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) قائل ذلك النضر ، وقيل أبو جهل رواه البخاريّ ومسلم ، وقال الجمهور : قائل ذلك كفار قريش والإشارة في قوله (إِنْ كانَ هذا) إلى القرآن أو ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم من التوحيد وغيره أو نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم من بين سائر قريش أقوال وتقدّم الكلام على (اللهُمَ) وقرأ الجمهور (هُوَ الْحَقَ) بالنصب جعلوا (هُوَ) فصلا ، وقرأ الأعمش وزيد بن عليّ بالرفع وهي جائزة في العربية فالجملة خبر (كانَ) وهي لغة تميم يرفعون بعد هو التي هي فصل في لغة غيرهم كما قال :
وكنت عليها بالملا أنت أقدر
وتقدّم الكلام على الفصل وفائدته في أول البقرة ، وقال ابن عطية ويجوز في العربيّة رفع الحقّ على أنه خبر والجملة خبر (كانَ). قال الزجاج ولا أعلم أحدا قرأ بهذا الجائز ، وقراءة الناس إنما هي بنصب (الْحَقَ) انتهى ، وقد ذكر من قرأ بالرفع وهذه الجملة الشرطيّة فيها مبالغة في إنكار الحق عظيمة أي إن كان حقّا فعاقبنا على إنكاره بإمطار الحجارة علينا أم بعذاب آخر ، قال الزمخشري ومراده نفي كونه حقّا فإذا انتفى كونه حقّا لم يستوجب منكره عذابا فكان تعليق العذاب بكونه حقا مع اعتقاد أنه ليس بحق كتعليقه بالمحال في قوله إن كان الباطل حقّا مع اعتقاده أنه ليس بحق وقوله (هُوَ الْحَقَ) تهكّم بمن يقول على سبيل التخصيص والتعيين هذا هو الحق ويقال أمطرت كأنجمت وأسبلت ومطرت كهتفت وكثر الأمطار في معنى العذاب ، (فإن قلت) : فما فائدة قوله (مِنَ السَّماءِ) والأمطار لا تكون إلا منها ، (قلت) : كأنه أراد أن يقال فأمطر علينا السجّيل وهي الحجارة المسوّمة للعذاب موضع حجارة من السماء موضع السجّيل ، كما يقال صبّ عليه مسرودة من حديد يريد درعا انتهى ، ومعنى جوابه أن قوله (مِنَ السَّماءِ) جاء على سبيل التأكيد كما أن قوله من حديد معناه التأكيد لأنّ المسرودة لا تكون إلا من حديد كما أنّ الأمطار لا تكون إلا من السماء.
وقال ابن عطية : وقولهم (مِنَ السَّماءِ) مبالغة وإغراق انتهى. والذي يظهر لي أن