(إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) أي المتقون للشرك وقال الزمخشري : (إِلَّا الْمُتَّقُونَ) من المسلمين ليس كل مسلم أيضا ممن يصلح أن يلي أمره إنما يستأهل ولايته من كان برا تقيا فكيف عبدة الأصنام انتهى؟ ويجوز أن يكون (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) معطوفا على (وَهُمْ يَصُدُّونَ) فيكون حالا والمعنى كيف لا يعذبهم الله وهم متّصفون بهذين الوصفين صدّهم عن المسجد الحرام وانتفاء كونهم أولياءه أي أولياء المسجد أي ليسوا ولاته فلا ينبغي أن يصدّوا عنه أو أولياء الله فهم كفار فيكون قد ارتقى من حال إلى أعظم منها وهو كونهم ليسوا مؤمنين فمن كان صادّا عن المسجد كافرا بالله فهو حقيق بالتعذيب والضمير في (إِنْ أَوْلِياؤُهُ) مترتب على ما يعود عليه في قوله : (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) واختلفوا في هذا التعذيب فقال قوم : هو الأول إلا أنه كان امتنع بشيئين كون النبي صلىاللهعليهوسلم فيهم واستغفار من بينهم من المؤمنين فلما وقع التمييز بالهجرة وقع بالباقين يوم بدر ، وقيل : بل وقع بفتح مكة ، وقال قوم : هذا التعذيب غير ذلك فالأوّل : استئصال كلهم فلم يقع لما علم من إسلام بعضهم وإسلام بعض ذراريهم ، والثاني : قتل بعضهم يوم بدر ، وقال ابن عباس : الأوّل عذاب الدنيا ، والثاني : عذاب الآخرة ، فالمعنى وما كان الله معذب المشركين لاستغفارهم في الدنيا وما لهم أن لا يعذبهم الله في الآخرة ومتعلّق (لا يَعْلَمُونَ) محذوف تقديره (لا يَعْلَمُونَ) أنهم ليسوا أولياءه بل يظنون أنهم أولياؤه الظاهر استدراك الأكثر في انتفاء العلم إذ كان بينهم وفي خلالهم من جنح إلى الإيمان فكان يعلم أن أولئك الصادّين ليسوا أولياء البيت أو أولياء الله فكأنه قيل (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) أي أكثر المقيمين بمكة (لا يَعْلَمُونَ) لتخرج منهم العباس وأم الفضل وغيرهما ممن وقع له علم أو إذ كان فيهم من يعلمه وهو يعاند طلبا للرياسة أو أريد بالأكثر الجميع على سبيل المجاز فكأنه قيل ولكنهم لا يعلمون كما قيل : قلما رجل يقول ذلك في معنى النفي المحض وإبقاء الأكثر على ظاهره أولى وكونه أريد به الجميع هو تخريج الزمخشري وابن عطية.
(وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ). لما نفي عنهم أن يكونوا ولاة البيت ذكر من فعلهم القبيح ما يؤكد ذلك وأنّ من كانت صلاته ما ذكر لا يستأهل أن يكونوا أولياءه فالمعنى والله أعلم أن الذي يقوم مقام صلاتهم هو المكاء والتصدية وضعوا مكان الصلاة والتقرّب إلى الله التصفير والتصفيق كانوا يطوفون عراة ، رجالهم ونساؤهم مشبكين بين أصابعهم يصفرون ويصفّقون يفعلون ذلك إذا قرأ الرسول صلىاللهعليهوسلم يخلطون عليه في صلاته ونظير هذا المعنى قولهم كانت عقوبتك عزلتك أي القائم مقام العقوبة هو العزل. وقال الشاعر :