وأشدّها لم ينسوا محبوبهم وأكثروا في ذلك فقال بعضهم :
ذكرت سليمى وحرّ الوغى |
|
كقلبي ساعة فارقتها |
وأبصرت بين القنا قدّها |
|
وقد ملن نحوي فعانقتها |
قال قتادة : افترض الله ذكره أشغل ما يكون العبد عند الضراب والسيوف ، وقال الزمخشري : فيه إشعار بأنّ على العبد أن لا يفتر عن ذكر الله أشغل ما يكون قلبا وأكثر ما يكون همّا وأن يكون نفسه مجتمعة لذلك وإن كانت متوزّعة عن غيره ، وذكر أن الثبات وذكر الله سببا الفلاح وهو الظفر بالعدو في الدنيا والفوز في الآخرة بالثواب ، والظاهر أن الذكر المأمور به هو باللسان فأمر بالثبات بالجنان وبالذكر باللسان والظاهر أن لا يعين ذكر ، وقيل هو قول المجاهدين : الله أكبر الله أكبر عند لقاء الكفار ، وقيل الدعاء عليهم : اللهم اخذلهم اللهم دمرهم وشبهه ، وقيل دعاء المؤمنين لأنفسهم بالنصر والظفر والتثبيت كما فعل قوم طالوت فقالوا (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (١) وقيل : حم لا ينصرون وكان هذا شعار المؤمنين عند اللقاء ، وقال محمد بن كعب : لو رخص ترك الذكر لرخص في الحرب ولذكرنا حيث أمر بالصمت ثم قيل له : واذكر ربك كثيرا ، وحكم هذا الذكر أن يكون خفيا إلا إن كان من الجميع وقت الحملة فحسن رفع الصوت به لأنه يفت في أعضاد الكفار وفي سنن أبي داود كان أصحاب الرسول صلىاللهعليهوسلم يكرهون الصوت عند القتال وعند الجنازة ، وقال ابن عباس : يكره التلثم عند القتال.
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) ، أمرهم تعالى بالطاعة لله ولرسوله ونهاهم عن التنازع وهو تجاذب الآراء وافتراقها والأظهر أن يكون (فَتَفْشَلُوا) جوابا للنهي فهو منصوب ولذلك عطف عليه منصوب لأنه يتسبب عن التنازع الفشل وهو الخور والجبن عن لقاء العدو وذهاب الدولة باستيلاء العدو ويجوز أن يكون (فَتَفْشَلُوا) مجزوما عطفا على (وَلا تَنازَعُوا) وذلك في قراءة عيسى بن عمر ويذهب بالياء وجزم الباء ، وقرأ أبو حيوة وإبان وعصمة عن عاصم ويذهب بالياء ونصب الباء ، وقرأ الحسن وابراهيم (فَتَفْشَلُوا) بكسر الشين ، قال أبو حاتم : وهذا غير معروف ، وقال غيره : هي لغة. قال مجاهد : الريح والنصرة والقوة وذهبت ريح أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين ناغوه بأحد ، وقال الزمخشري : والريح الدّولة شبهت لنفوذ
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٠.