التي صنعت منها وظاهر الاتخاذ هنا العمل فيتعدّى (تَتَّخِذُونَ) إلى مفعول واحد ، وقيل : يتعدى إلى اثنين والمجرور هو الثاني ، وقرأ الحسن (وَتَنْحِتُونَ) بفتح الحاء ، وزاد الزمخشري : أنه قرأ وتنحاتون بإشباع الفتحة قال كقوله :
ينباع من دفري أسيل حرّه
انتهى. وقرأ ابن مصرف بالياء من أسفل وكسر الحاء وقرأ أبو مالك بالباء من أسفل وفتح الحاء ومن نقرأ بالياء فهو التفات وانتصب (بُيُوتاً) على أنها حال مقدّرة إذ لم تكن الجبال وقت النحت بيوتا كقولك إبر لي هذه اليراعة قلما وخطّ لي هذا قباء ، وقيل : مفعول ثان على تضمين (وَتَنْحِتُونَ) معنى و (تَتَّخِذُونَ) ، وقيل : مفعول بتنحتون و (الْجِبالَ) نصب على إسقاط من أي من الجبال ، وقرأ الأعمش (تَعْثَوْا) بكسر التاء لقولهم أنت تعلم وهي لغة و (مُفْسِدِينَ) حال مؤكدة ، قال ابن عباس : القصور لمصيفهم والبيوت في الجبال لمشتاهم ، وقيل : نحتوا الجبال لطول أعمارهم كانت القصور تخرب قبل موتهم ، قال وهب : كان الرجل يبني البنيان فتمرّ عليه مائة سنة فيخرب ثم يجدده فتمر عليه مائة سنة فيخرب ثم يجدده فتمر عليه مائة سنة فيخرب فأضجرهم ذلك فاتخذوا الجبال بيوتا.
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) قرأ ابن عامر وقال الملأ بواو عطف والجمهور قال بغير واو و (الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) وصف للملأ إما للتخصيص لأنّ من أشرافهم من آمن مثل جندع بن عمرو وإما للذم و (اسْتَكْبَرُوا) وطلبوا الهيبة لأنفسهم وهو من الكبر فيكون استفعل للطلب وهو بابها أو تكون استفعل بمعنى فعل أي كبروا لكثرة المال والجاه فيكون مثل عجب واستعجب والذين (اسْتُضْعِفُوا) أي استضعفهم رؤساء الكفار واستذلوهم وهم العامة وهم أتباع الرّسل و (لِمَنْ) بدل من الذين استضعفوا والضمير في (مِنْهُمْ) إن عاد على المستضعفين كان بدل بعض من كلّ ويكون الذين استضعفوا قسمين مؤمنين وكافرين وإن عاد على (قَوْمِهِ) كان بدل كل من كلّ وكان الاستضعاف مقصورا على المؤمنين وكان الذين استضعفوا قسما واحدا ومن آمن مفسرا للمستضعفين من قومه واللام في (لِلَّذِينَ) للتبليغ والجملة المقولة استفهام على جهة الاستهزاء والاستخفاف وفي قولهم (مِنْ رَبِّهِ) اختصاص بصالح ولم يقولوا من ربنا ولا من ربكم.
(قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) جواب للمستضعفين وعدولهم عن قولهم هو مرسل إلى قولهم (إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ) في غاية الحسن إذ أمر رسالته معلوم واضح مسلم