أعظم مشاركة ، وربما زادوا على المسلمين في ذلك. قال : ووصف المتاع بالحسن إنما هو لطيب عيش المؤمن برجائه في الله عزوجل ، وفي ثوابه وفرحه بالتقرب إليه بمفروضاته ، والسرور بمواعيده ، والكافر ليس في شيء من هذا ، والأجل المسمى هو أجل الموت قاله : ابن عباس والحسن. وقال ابن جبير : يوم القيامة ، والضمير في فضله يحتمل أن يعود على الله تعالى أي : يعطي في الآخرة كل من كان له فضل في عمل الخير ، وزيادة ما تفضل به تعالى وزاده. ويحتمل أن يعود على كل أي : جزاء ذلك الفضل الذي عمله في الدنيا لا يبخس منه شيء ، كما قال : (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) (١) أي جزاءها. والدرجات تتفاضل في الجنة بتفاضل الطاعات ، وتقدم أمران بينهما تراخ ، ورتب عليهما جوابان بينهما تراخ ، ترتب على الاستغفار التمتيع المتاع الحسن في الدنيا ، كما قال : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) (٢) الآية وترتب على التوبة إيتاء الفضل في الآخرة ، وناسب كل جواب لما وقع جوابا له ، لأنّ الاستغفار من الذنب أول حال الراجع إلى الله ، فناسب أن يرتب عليه حال الدنيا. والتوبة هي المنجية من النار ، والتي تدخل الجنة ، فناسب أن يرتب عليها حال الآخرة. والظاهر أنّ تولوا مضارع حذف منه التاء أي : وإن تتولوا. وقيل : هو ماض للغائبين ، والتقدير قيل لهم : إني أخاف عليكم. وقرأ اليماني ، وعيسى بن عمر : وإن تولوا بضم التاء واللام ، وفتح الواو ، مضارع ولىّ ، والأولى مضارع أولى. وفي كتاب اللوامح اليماني وعيسى البصرة : وإن تولوا بثلاث ضمات مرتبا للمفعول به ، وهو ضد التبري. وقرأ الأعرج : تولوا بضم التاء واللام ، وسكون الواو ، مضارع أولى ، ووصف يوم بكبير وهو يوم القيامة لما يقع فيه من الأهوال. وقيل : هو يوم بدر وغيره من الأيام التي رموا فيها بالخذلان والقتل والسبي والنهب وأبعد من ذهب إلى أنّ كبير صفة لعذاب ، وخفض على الجواز. وباقي الآية تضمنت تهديدا عظيما وصرحت بالبعث ، وذكر أنّ قدرته عامة لجميع ما يشاء ، ومن ذلك البعث ، فهو لا يعجزه ما شاء من عذابهم.
(أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) : نزلت في الأخنس بن شريق ، كان يجالس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويحلف أنه ليحبه ويضمر خلاف ما يظهر قاله ابن عباس. وعنه أيضا : في ناس كانوا يستحيون أن يفضوا إلى السماء في الخلاء ومجامعة النساء. وقيل : في بعض المنافقين ، كان إذا مر بالرسول صلىاللهعليهوسلم ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه كي لا يرى
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ١٥.
(٢) سورة نوح : ٧١ / ١٠ ـ ١١.