ومسكنه ، والمستودع حيث كان موجودا قبل الاستقرار من صلب أو رحم أو بيضة انتهى. ومستقر ومستودع يحتمل أن يكونا مصدرين ، ويحتمل أن يكونا اسمي مكان ، ويحتمل مستودع أن يكون اسم مفعول لتعدّي الفعل منه ، ولا يحتمله مستقر للزوم فعله كل أي : كل من الرزق والمستقر والمستودع في اللوح يعني : وذكرها مكتوب فيه مبين. وقيل : الكتاب هنا مجاز ، وهو إشارة إلى علم الله ، وحمله على الظاهر أولى.
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) : لما ذكر تعالى ما يدل على كونه تعالى عالما ، ذكر ما يدل على كونه قادرا ، وتقدّم تفسير الجملة الأولى في سورة يونس. والظاهر أنّ قوله : وكان عرشه على الماء ، تقديره قبل خلق السموات والأرض ، وفي هذا دليل على أنّ الماء والعرش كانا مخلوقين قبل. قال كعب : خلق الله ياقوتة خضراء فنظر إليها بالهيبة فصارت ماء ، ثم خلق الريح فجعل الماء على متنها ، ثم وضع العرش على الماء. وروي عن ابن عباس أنه وقد قيل له : على أي شيء كان الماء؟ قال : كان على متن الريح ، والظاهر تعلق ليبلوكم بخلق. قال الزمخشري : أي خلقهن لحكمة بالغة ، وهي أن يجعلها مساكن لعباده ، وينعم عليهم فيها بفنون النعم ، ويكلفهم فعل الطاعات واجتناب المعاصي ، فمن شكر وأطاع أثابه ، ومن كفر وعصى عاقبه. ولما أشبه ذلك اختبار المختبر قال : ليبلوكم ، يريد ليفعل بكم ما يفعل المبتلي لأحوالكم كيف تعملون. (فإن قلت) : كيف جاز تعليق فعل البلوى؟ (قلت) : لما في الاختبار من معنى العلم ، لأنه طريق الله ، فهو ملابس له كما تقول : انظر أيهم أحسن وجها ، واستمع أيهم أحسن صوتا ، لأنّ النظر والاستماع من طرق العلم انتهى. وفي قوله : ومن كفر وعصى عاقبه ، دسيسة الاعتزال. وأما قوله : واستمع أيهم أحسن صوتا ، فلا أعلم أحدا ذكر أن استمع تعلق ، وإنما ذكروا من غير أفعال القلوب سل وانظر ، وفي جواز تعليق رأى البصرية خلاف. وقيل : ليبلوكم متعلق بفعل محذوف تقديره أعلم بذلك ليبلوكم ، ومقصد هذا التأويل أن هذه المخلوقات لم تكن بسبب البشر. وقيل : تقدير الفعل ، وخلقكم ليبلوكم. وقيل : في الكلام جمل محذوفة ، التقدير : وكان خلقه لهما لمنافع يعود عليكم نفعها في الدنيا دون الأخرى ، وفعل ذلك ليبلوكم. ومعنى أيكم أحسن عملا : أهذا أحسن أم هذا. قال ابن بحر : روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم «أيكم