(وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ. قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ. قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) : خرجت الملائكة من قرية إبراهيم إلى قرية لوط وبينهما قيل : ثمانية أميال. وقيل : أربعة فراسخ ، فأتوها عشاء. وقيل : نصف النهار ، ووجدوا لوطا في حرث له. وقيل : وجدوا ابنته تستقي ماء في نهر سدوم ، وهي أكبر حواضر قوم لوط ، فسألوها الدلالة على من يضيفهم ، ورأت هيئتهم فخافت عليهم من قوم لوط وقالت لهم : مكانكم ، وذهبت إلى أبيها فأخبرته ، فخرج إليهم فقالوا : إنّا نريد أن تضيفنا الليلة فقال لهم : أو ما سمعتم بعمل هؤلاء القوم؟ فقالوا : وما عملهم؟ فقال : أشهد بالله انهم شر قوم في الأرض. وقد كان الله قال للملائكة : لا تعذبوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات ، فلما قال هذه قال جبريل : هذه واحدة ، وتردد القول منهم حتى كرر لوط الشهادة أربع مرات ، ثم دخل لوط المدينة فحينئذ سيء بهم أي : لحقه سوء بسببهم ، وضاق ذرعه بهم ، وقال : هذا يوم عصيب أي شديد ، لما كان يتخوفه من تعدى قومه على أضيافه. وجاءه قومه يهرعون إليه ، لما جاء لوط بضيفه لم يعلم بذلك أحد إلا أهل بيته ، فخرجت امرأته حتى أتت مجالس قومها فقالت : إن لوطا قد أضاف الليلة فتية ما رؤي مثلهم جمالا وكذا وكذا ، فحينئذ جاؤوا يهرعون أي : يسرعون ، كما يدفعون دفعا فعل الطامع الخائف فوت ما يطلبه. وقرأ الجمهور : يهرعون مبنيا للمفعول من أهرع أي يهرعهم الطمع. وقرأت فرقة : يهرعون بفتح الياء من هرع. وقال مهلهل :
فجاؤوا يهرعون وهم أسارى |
|
يقودهم على رغم الأنوف |
ومن قبل كانوا يعملون السيئات أي : كان ذلك ديدنهم وعادتهم ، أصروا على ذلك ومرنوا عليه ، فليس ذلك بأول إنشاء هذه المعصية ، جاؤا يهرعون لا يكفهم حياء لضراوتهم عليها ، والتقدير في ومن قبل أي : من قبل مجيئهم إلى هؤلاء الأضياف وطلبهم إياهم. وقيل : ومن قبل بعث لوط رسولا إليهم. وجمعت السيئات وإن كان المراد بها معصية إتيان الذكور ، إما باعتبار فاعليها ، أو باعتبار تكررها. وقيل : كانت سيآت كثيرة باختلاف أنواعها ، منها إتيان الذكور ، وإتيان النساء في غير المأتى ، وحذف الحصا ، والحيق في المجالس والأسواق ، والمكاء ، والصفير ، واللعب بالحمام ، والقمار ، والاستهزاء بالناس في