(مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) (١) وكما كان الرسول يطلب من يحرسه. والذي أختاره أن يوسف إنما قال لساقي الملك : اذكرني عند ربك ليتوصل إلى هدايته وإيمانه بالله ، كما توصل إلى إيضاح الحق للساقي ورفيقه. والضمير في فأنساه عائد على الساقي ، ومعنى ذكر ربه : ذكر يوسف لربه ، والإضافة تكون بأدنى ملابسة. وإنساء الشيطان له بما يوسوس إليه من اشتغاله حتى يذهل عما قال له يوسف ، لما أراد الله بيوسف من إجزال أجره بطول مقامه في السجن. وبضع سنين مجمل ، فقيل : سبع ، وقيل : اثنا عشر. والظاهر أن قوله : فلبث في السجن ، إخبار عن مدّة مقامه في السجن ، منذ سجن إلى أن أخرج. وقيل : هذا اللبث هو ما بعد خروج الفتيين وذلك سبع. وقيل : سنتان. وقيل : الضمير في أنساه عائد على يوسف. ورتبوا على ذلك أخبارا لا تليق نسبتها إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
(وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ. قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ) : لما دنا فرج يوسف عليهالسلام رأى ملك مصر الرّيان بن الوليد رؤيا عجيبة هالته ، فرأى سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس ، وسبع بقرات عجاف ، فابتلعت العجاف السمان. ورأى سبع سنبلات خضر قد انعقد حبها ، وسبعا أخر يابسات قد استحصدت وأدركت ، فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها ، فلم يجد في قومه من يحسن عبارتها. أرى : يعني في منامه ، ودل على ذلك : أفتوني في رؤياي. وأرى حكاية حال ، فلذلك جاء بالمضارع دون رأيت. وسمان صفة لقوله : بقرات ، ميز العدد بنوع من البقرات وهي السمان منهن لا يحسنهن. ولو نصب صفة لسبع لكان التمييز بالجنس لا بالنوع ، ويلزم من وصف البقرات بالسمن وصف السبع به ، ولا يلزم من وصف السبع به وصف الجنس به ، لأنه يصير المعنى سبعا من البقرات سمانا. وفرق بين قولك : عندي ثلاث رجال كرام ، وثلاثة رجال كرام ، لأن المعنى في الأول ثلاثة من الرجال الكرام ، فيلزم كرم الثلاثة لأنهم بعض من الرجال الكرام. والمعنى في الثاني : ثلاثة من الرجال كرام ، فلا يدل على وصف الرجال بالكرم. ولم يضف سبع إلى عجاف لأن اسم العدد لا يضاف إلى الصفة إلا في الشعر ، إنما تتبعه الصفة. وثلاثة فرسان ، وخمسة أصحاب من الصفات التي أجريت مجرى الأسماء. ودل قوله : سبع بقرات على أن
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ٥٢.