يدعوهم بما يعطي من الآيات ، لا بما يتحكمون فيه من الاقتراحات. وتبعهم الزمخشري. فقال : هاد من الأنبياء يهديهم إلى الدين ، ويدعوهم إلى الله بوجه من الهداية ، وبآية خص بها ، ولم يجعل الأشياء شرعا واحدا في آيات مخصوصة. وقالت فرقة : الهادي في هذه الآية هو الله تعالى ، روي أن ذلك عن ابن عباس ، ومجاهد ، وابن جبير ، وهاد : على هذا مخترع للإرشاد. قال ابن عطية : وألفاظ تتعلق بهذا المعنى ، وتعرف أن الله تعالى هو الهادي من غير هذا الموضع. وقال الزمخشري : في هذا القول وجه آخر : وهو أن يكون المعنى : إنهم يجحدون كون ما أنزل عليك آيات ويعاندون ، فلا يهمنك ذلك ، إنما أنت منذر ، فما عليك إلا أن تنذر ، لا أن تثبت الإيمان بالإلجاء ، والذي يثبته بالإلجاء هو الله تعالى انتهى. ودلّ كلامه على الاعتزال. وقال في معنى القول الذي تبع فيه مجاهد ، وابن زيد ما نصه : ولقد دل بما أردفه من ذكر آيات علمه وتقديره الأشياء على قضايا حكمته ، أن إعطاء كل منذر آيات أمر مدبر بالعلم النافذ ، مقدر بالحكمة الربانية. ولو علم في إجابتهم إلى مقترحهم خيرا أو مصلحة لأجابهم إليه. وقال الزمخشري أيضا في معنى أن الهادي هو الله تعالى أي : بالإلجاء على زعمه ما نصه : وأما هذا الوجه الثاني فقد دل به على أنّ من هذه القدرة قدرته وهذا علمه ، هو القادر وحده على هدايتهم العالم بأي طريق يهديهم ، ولا سبيل إلى ذلك لغيره انتهى. وقالت فرقة : الهادي علي بن أبي طالب ، وإن صح ما روي عن ابن عباس مما ذكرناه في صدر هذه الآية ، فإنما جعل الرسول صلىاللهعليهوسلم علي بن أبي طالب مثالا من علماء الأمّة وهداتها إلى الدين ، فكأنه قال : أنت يا علي هذا وصفك ، ليدخل في ذلك أبو بكر وعمر وعثمان وسائر علماء الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، ثم كذلك علماء كل عصر ، فيكون المعنى على هذا : إنما أنت يا محمد منذر ، ولكل قوم في القديم والحديث دعاة هداة إلى الخير. وقال أبو العالية : الهادي العمل. وقال علي بن عيسى : ولكل قوم سابق سبقهم إلى الهدى إلى نبي أولئك القوم. وقيل : هاد قائد إلى الخير أو إلى الشر قال تعالى في الخير : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) (١) وقال في الشر : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) (٢) قاله أبو صالح. ووقف ابن كثير على هاد وواق حيث واقعا ، وعلى وال هنا وباق في النحل بإثبات الياء ، وباقي السبعة بحذفها. وفي الإقناع لأبي جعفر بن الباذش عن ابن مجاهد : الوقف على جميع الباب
__________________
(١) سورة الحج : ٢٢ / ٢٤.
(٢) سورة الصافات : ٣٧ / ٢٣.