أخشى على أربد الحتوف ولا |
|
أرهب نوء السماك والأسد |
فجعني البرق والصواعق بالفا |
|
رس يوم الكريهة النجد |
وهذه الصلات الأربع التي وصلت بها الذي تدل على القدرة الباهرة ، والتصرف التام في العالم العلوي والسفلي ، فالمتصف بها ينبغي أن لا يجادل فيه ، وأن يعتقد ما هو عليه من الصفات العلوية ، والضمير في وهم يجادلون ، عائد على الكفار المكذبين للرسول صلىاللهعليهوسلم ، المنكرين الآيات ، يجادلون في قدرة الله على البعث وإعادة الخلق بقولهم : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) (١) وفي وحدانيته باتخاذ الشركاء والانداد. ونسبة التوالد إليه بقولهم : الملائكة بنات الله تعالى والمعنى : أنه عزوجل متصف بهذه الأوصاف ، ومع ذلك رتبوا عليها غير مقتضاها من المجادلة فيه وفي أوصافه تعالى ، وكان مقتضاها التسليم لما جاءت به الأنبياء. وقيل : وهم يجادلون حال من مفعول يشاء أي : فيصيب بها من يشاء في حال جدالهم كما جرى لليهودي. وكذلك الجبار ، ولاربد. وهو شديد المحال ، جملة حالية من الجلالة. وقرأ الجمهور : المحال بكسر الميم. فعن ابن عباس : المحال العداوة ، وعنه الحقد. وعن عليّ : الأخذ ، وعن مجاهد : القوة. وعن قطرب : الغضب. وعن الحسن : الهلاك بالمحل ، وهو القحط. وقرأ الضحاك والأعرج : المحال بفتح الميم. فعن ابن عباس : الحول. وعن عبيدة : الحيلة. يقال : المحال والمحالة وهي الحيلة ، ومنه قول العرب في مثل : المرء يعجز لا المحالة. قال الزمخشري : ويجوز أن يكون المعنى شديد العقاب ، ويكون مثلا في القوة والقدرة ، كما جاء : فساعد الله أشد ، وموساه أحد ، لأنّ الحيوان إذا اشتد غاية كان منعوتا بشدّة القوة والاضطلاع بما يعجز عنه غيره. ألا ترى إلى قولهم : فقرته الفواقر ، وذلك أنّ الفقار عمود الظهر وقوامه. والضمير في له عائد على الله تعالى ، ودعوة الحق قال ابن عباس : دعوة الحق لا إله إلا الله ، وما كان من الشريعة في معناها. وقال علي بن أبي طالب ، دعوة الحق التوحيد. وقال الحسن : إن الله هو الحق ، فدعاؤه دعوة الحق. وقيل : دعوة الحق دعاؤه عند الخوف ، فإنه لا يدعى فيه إلا هو ، كما قال : (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) (٢) قال الماوردي : وهو أشبه بسياق الآية. وقيل : دعوة الطلب الحق أي : مرجو الإجابة ، ودعاء غير الله لا يجاب. وقال الزمخشري : فيه وجهان. أحدهما : أن تضاف الدعوة إلى الحق الذي هو نقيض الباطل ، كما تضاف الكلمة إليه في
__________________
(١) سورة يس : ٣٦ / ٧٨.
(٢) سورة الإسراء : ١٧ / ٦٧.